هناك نوعين من المعايير التي يجب علي المستشار القانوني أن يضعها فى اعتباره عندما يسدى مشورته القانونية للجهة طالبة المشورة.
النوع الاول هي معايير الدقة
وتلك المعايير تتمثل في ضرورة الاحاطة الكاملة بالواقع المطروح الذي يراد الاستفتاء بشأنه، والعلم بأحكام القانون التي تحكم ذلك الواقع وتطورات تلك الاحكام وذلك بالوقوف على اخر التعديلات التشريعية التي طرأت عليها، وهنا تبرز مسالة التكييف القانوني، اي تحديد الواقعة المطروحة وطرح التفاصيل التي لا أثر قانوني لها وتنقيحها بغية تحديد الإطار القانوني الذي تنظمه وصولا الي اسداء مشورة دقيقة.
وفى هذا السياق ينبغي علي المستشار وهو يبدي مشورته أن يراعي المبادئ الاتية:
1. الموضوعية: فلا تكون مشورته بقصد التجني او للإساءة إلى موقف المتعامل مع الجهة،
2. الشفافية: فلا يخفي عن الجهة خلفيات قانونية مؤثرة في الموضوع،
3. الأمانة: فلا يبخس حق الطرف المتعامل مع الجهة، لان كل هذه المبادئ لها أثر في الحفاظ على سمعة الجهة والتي ينبغي ان تكون هي ذاتها مبادئ حاكمة لمنظومة العمل لديها كذلك،
4. وعند صياغة المشورة ينبغي علي المستشار ان يراعي وضوح عباراته، والبعد عن التعقيد، وأن يشر دوما الي السند القانوني الذي يستند إليه من نص قانوني أو قضاء مستقر للمحكمة العليا التي ترسي مبادئ القانون باعتبار أن تلك الإشارة تضفي على المشورة طابع المهنية والشفافية معا.
والاعتبارات التي اوردناها سلفا كفيلة بان تجعل المشورة دقيقة وشفافة، لكن ذلك قد لا يكون كافيا لتحقيق مصلحة الجهة إذ أن هناك اعتبارات أخرى يجب أن يضعها المستشار القانوني المحترف في الحسبان لتحقيق ذلك وهي اعتبارات (الفعالية) ولكي نوضح تلك الاعتبارات سنقوم بعرضها معززة بالأمثلة وذلك على النحو التالي:
النوع الثاني اعتبارات الفعالية
وهي أن تتميز المشورة القانونية بالآتي:
1. أن تكون متوازنة، بمعني أنها لا تكون قاصرة النظر علي حكم القانون فحسب، بل يجب أن يضع المستشار القانوني نصب عينيه مصلحة الجهة وما يمكن أن تجره المشورة عليها من عواقب قانونية، فمثلا قد يثور نزاع بين الجهة وعمالها حول طلبهم حقوقاً وظيفية، فيجب عندما يفتي بأن احكام قانون العمل لا تعطي لهم الأحقية في مطالبهم، أن يضع كذلك ضمن مشورته ما قد يقوم به العمال من إقامة دعاوى ستكبد الجهة الكثير من الوقت والجهد والمصاريف، فضلا عن احتمال صدور أحكام غير محسوب صدورها نظراً لاختلاف أحكام القضاء من محكمة للأخرى، وما يترتب علي ذلك من مطالبات المحاكم بسداد مصروفات التقاضي، وما يستتبعه ذلك من إقامة طعون والدخول في حلقة أخرى في مجال التقاضي؛ ولذلك فحسب المستشار القانوني أن يبدي مشورته متضمنة عرض كل تلك الأمور ويبدى توصيته المناسبة في ضوء ذلك، والجهة هي وشأنها في اتخاذ القرار المناسب.
2. أن تكون مناسبة، بمعني أن تتناسب مع الجهة سواء من حيث نشاطها أو كيانها القانوني أو طبيعة معاملاتها، فمثلا قد تتعاقد الجهة مع شركة نقل لنقل موظفيها فتطلب الشركة زيادة قيمة مبلغ النقل استناداً الي زيادة سعر المشتقات البترولية، فهنا قبل أن يفتي المستشار القانوني بأن شروط المادة ١٤٧/٢ من القانون المدني غير متوافرة لأن زيادة سعر تلك المشتقات لا تهدد الناقل بخسارة فادحة، وأن أثر الزيادة سيقلل فقط من أرباحه، وبالتالي لا حق له في الزيادة، يجب أن يعرض علي الجهة ضرورة النظر الي اعتبارات أخرى أولى بالرعاية، وهي سعر السوق السائد بشأن قيمة النقل، وما إذا كانت الزيادة التي يطالب بها تتماشي مع ذلك السعر، وأثر قيامه بإيقاف النقل وما سيجره ذلك من إرباك للمنشأة وتعطيل العمل بها، وهنا يجب أن يوصي المستشار القانوني بأن حكم القانون في مطلب الناقل هو عدم الاحقية، لكن يوصي بأن حل هذا الاشكال ينبغي أن يكون في غير ساحة القانون، وانما في ساحة سعر السوق والاعتبارات التي أشرنا إليها سلفا.
3. وأن تكون فعالة، بمعني أن ينحسم بها الرأي بوضوح حول المسألة المعروضة، فلا يكون فيها مداورة أو الرد على أمور لم تطرح أو الرد بدون اعطاء مشورة حقيقية ووافية في الموضوع فتزال الجهة بعد المشورة في حيرة من أمرها.
4. وأن تكون متوائمة، بمعني أن يوائم المستشار القانوني فيها بين حكم القانون الصريح، والموائمات القانونية التي ينبغي أن توضع في الاعتبار، فمثلا قد تطلب الجهة الرأي القانوني بشأن الابلاغ ضد متعامل أساء لفظياً ضد الجهة أو قام بإتلاف بعض مهماتها كسيارة أو غيره من أموالها مما قد يعاقب عليه القانون، وفي نفس الوقت العميل أبدى ندمه واستعداه لاصلاح ما فعله، فهنا قبل أن يبدي المستشار الرأي في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد هذا العميل وليصدر ضده حكم بالحبس، يجب أن ينظر إلى أنه لا يوجد خلاف شخصي بين الجهة والعميل، وأنه لا توجد معه خصومة حقيقية، وأنه يكفي أن يقوم العميل بالاعتذار ونشره في وسيلة اعلامية مناسبة كجريدة مثلا أو أن يدفع قيمة التلفيات حتي تكف الجهة عن اتخاذ الإجراءات ضده، حرصاً علي صورة الجهة أمام عملائها ومنعا من الدخول في إجراءات قد تؤدي إلى اشاعة التعدي الذي وقع، مما قد يحدث إثارة وبلبلة لدى الرأي العام والذي قد يميل ضد الجهة.
وكل تلك الاعتبارات تتطلب من المستشار القانوني لا أن يكون متسلحا بالعلم القانوني ملما بالواقع فقط، بل يجب أيضاً، أن يكون من طراز فريد لديه مبادئ عليا ينطلق منها في مهنته، وأن يكون على ثقافة عامة يتفهم طبيعة الجهة التي يعمل فيها ومصالحها، وأن يكون ملماً بالواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي يحوط عمله.
الشهادة المهنية في الاستشارات القانونية
انضم للمشاركين في الشهادة المهنية في الاستشارات القانونية التي تهدف الى
- اكتساب المشارك ملكات التحليل القانوني.
- اكساب المشارك مهارات التكييف القانوني السليم.
- تعريف المشارك بطرق استخلاص وبناء الأدلة.
- اكتساب المشارك مهارات تطبيق وتفسير القانون.
- تنمية مهارات المشارك التفاوضية وكيفية تنفيذ استراتيجيات التفاوض المختلفة خلال مراحل إعداد العقد.
- تدريب المشارك على كيفية صياغة العقود من حيث دقة اختيار المصطلحات.
- تنمية مهارات المشارك في تفسير العقود وكشف ثغراتها.
- تزويد المشارك بالتقنيات ومناهج تقديم الاستشارات القانونية.
- تمنية المهارات التكنولوجيا للمشارك.
- اكساب المشاركين بمهارات التخلص من ضغوط العمل