2025/03/12

تحديات التخصص في القضايا الرياضية ووسائل التغلب عليها - قص الكوادر المتخصصة في تسوية منازعات الرياضة

لم يعد النشاط الرياضي يقتصر دوره على تنمية القوة البدنية أو تحقيق أغراض ترفيهية، بل تحول إلى نشاط ذو طبيعة اقتصادية، إلى أن أصبح صناعةً واستثماراً، فقد شهد سوق الرياضة نمواً ملحوظاً خلال السنوات الماضية؛ من المتوقع أن ارتفاع الاستثمارات من (477.8 مليار دولار) في عام 2024 إلى (507.69 مليار دولار) في عام 2025 بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR)  يبلغ 6.3%، ويُعزَى هذا النمو إلى انتعاش الأسواق الناشئة والتوسع في البث الفضائي للمسابقات الرياضة، والإنفاق المتزايد على عقود الرعاية، بالإضافة إلى النمو السريع في التجارة الإلكترونية.

ورغم ذلك يعاني قطاع الرياضة من قلة الكوادر المؤهلة في القضايا الرياضية، ونرجع هذا الأمر إلى التحديات التي يواجه الراغبين في التخصص في هذا الموضوع وإليكم بيان بأهمها ووسائل التغلب عليها

أولاً: التحديات القانونية في قطاع الرياضة

1. التعقيد والتميز التشريعي والقانوني في قطاع الرياضة

تتسم التشريعات الرياضية بالتعقيد؛ حيث تتباين على المستويين المحلي والدولي، كما أنها سريعة التطوير؛ حيث تتغير اللوائح الرياضية بشكل مستمر مثل لوائح أوضاع وانتقال اللاعبين ومكافحة المنشطات وحقوق البث وغيرهم.

ضف إلى ذلك، أن اللوائح الرياضية تتميز عن القوانين التي تصدرها الدولة؛ حيث تصدر هذه اللوائح عن الهيئات الرياضية المختصة بتنظيم الرياضة، بما يضمن لها الاستقلال، إلا أنه يجب تحقيق التوازن بين استقلال الهيئات الرياضية وسيادة الدول عن صياغة هذه اللوائح سواء على المستوى المحلي أو الدولي.

2. تعدد الجهات المختصة بإنفاذ القانون في قطاع الرياضة

تتعدد الجهات المعنية بتطبيق القانون في قطاع الرياضة نظرًا لتداخله مع العديد من الجهات ذات الاختصاص. وتشمل هذه الجهات:

  • الجهات الحكومية: تتولى وضع الإطار العام لتنظيم وإدارة القطاع الرياضي، بالإضافة إلى وضع السياسات والاستراتيجيات العامة، كما تشرف على المؤسسات الرياضية، سواء كانت حكومية أو خاصة، مثال ذلك وزارة الشباب والرياضة في مصر، ووزارة الرياضة في السعودية، ومجلس دبي الرياضي.
  • اللجان الأولمبية: تختص بالإشراف على الاتحادات الرياضية، التي تلتزم بدورها باللوائح الصادرة عن اللجنة الأولمبية الدولية..
  • الاتحادات الرياضية وروابط الأندية: تشرف على تنظيم البطولات والمسابقات، وتضع اللوائح المنظمة لها، كما تتولى إدارة شؤون اللاعبين وفقًا للوائح الدولية والتشريعات الوطنية ذات الصلة.
  • وكالات مكافحة المنشطات (NADO): تراقب الأندية لضمان التزام اللاعبين بلوائح مكافحة المنشطات الصادرة عن الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات.
  • الجهات الرقابية والقضائية: تتولى التحقيق والمحاكمة في المخالفات الإدارية والجرائم المالية المرتبطة بالقطاع الرياضي.

3. تميز العقود الرياضية

تتسم العقود الرياضية بالتعقيد؛ نظراً لقيمتها المالية المرتفعة، وتعدد أطرافها، وطول مدة تنفيذها، وتعتمد الأندية على عائدات هذه العقود لسداد التزاماتها قبل اللاعبين والطاقم الفني والإداري والموردين، وتعد عقود الرعاية والإعلانات والبث الفضائي من أبرز مصادر الإيرادات في هذا المجال.

ويجب أن تصاغ هذه العقود بشكل واضح، وأن تتسم بالشمولية لتغطي جميع المسائل؛ بما يضمن سلاسة تنفيذها. كما ينبغي أن توضح ضمانات التنفيذ، والجزاءات المترتبة على الإخلال بها، الأمر الذي يتطلب الاستعانة محام متخصص وذو خبرة في هذا المجال.

4. تعدد جهات تسوية المنازعات الرياضية

يلقي تعقد العلاقات الرياضية بظلاله على المنازعات الناشئة عنها، ومما يجعل عملية تسويتها تتطلب تحديد أولاً الجهة المختصة والتعرف على الإجراءات القانونية المتبعة فيها، وطرق الطعن على قرارتها.

تختلف الجهات المختصة بتسوية المنازعات الرياضة تبعا للإطار التنظيمي التشريعي واللائحي لكل دولة، وفي الغالب، توجد لجان وغرف داخل الاتحادات الرياضية تُعني بتسوية هذه المنازعات مثل لجنة أوضاع وانتقالات اللاعبين وغرفة فض المنازعات في الإمارات، ولجنة شئون اللاعبين ولجنة الانضباط واللجنة التأديبية لقضايا المنشطات في اتحاد كرة القدم المصري، وفي السعودية يوجد لجنة المسابقات ولجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين ولجنة الانضباط والأخلاق ولجنة الاستئناف وغرفة فض المنازعات. أما على المستوى الدولي، فهناك في رياضة كرة القدم، محكمة كرة القدم بالاتحاد الدولي فيفا (FIFA Tribunal).

بالإضافة إلى ذلك، استحدثت بعض النظم مراكز للتحكيم الرياضي تختص بفض المنازعات الرياضية، مثل مركز الإمارات للتحكيم ومركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري والمركز السعودي للتحكيم الراضي. كما يوجد محكمة التحكيم الرياضية كاس (CAS/TAS) على المستوي الدولي لجميع الرياضات والألعاب.

لتحديد الجهة المنوطة بها تسوية المنازعة الرياضية، يجب الاستعانة بمحام متخصص وذو خبرة في هذا المجال.

وتتميز القضايا الرياضية بأنها تحظي بمتابعة جماهرية واسعة، مما يشكل ضغطاً على المحكمين والمحامين. لذا؛ يتطلب الأمر امتلاك شخصية قوية قادرة على التعامل مع الضغوط الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي دون أن يؤثر ذلك على نزاهة القرار القانوني.

5. الثقافة الرياضية

يجب على المحكم أو الوسيط أو المحامي الرياضي أن يكون متبحراً ومحباً للرياضة؛ حيث أن الفهم العميق لطبيعة الرياضة وخصوصيتها يمكنه من التعامل بفاعلية مع المسائل القانونية المرتبطة بها، سواء كانت عقود اللاعبين أو عقود الاستثمار الرياضي أو قضايا المنشطات. كما أن شغفه بالرياضة يمنحه العزم والصبر على استيعاب التشريعات واللوائح الرياضية؛ بما يعزز قدرته على تقديم الحلول القانونية الفاعلة، والوقوف على الأحكام الصحيحة التي ترسخ لمبادئ العدالة وتكافؤ الفرص.

لمواجه هذه التحديات نقترح مجموعة من الحلول منها:

  1. تصميم وتطوير شهادة مهنية لتأهيل كوادر متخصصة في القضايا الرياضية.
  2. تعريب اللوائح الرياضية الدولية، للوقوف على فلسفتها وأحكامها.
  3. تعزيز التواصل بين الجهات الرياضية والقانونيين من خلال إنشاء منصات حوارية وتنظيم المؤتمرات.
  4. ضرورة استعانة الأندية والهيئات الرياضية والرياضيين بمحامين متخصصين لمراجعة العقود قبل توقيعها.
  5. تعزيز الثقافة الرياضية لدى القانونيين، من خلال معايشة الأنشطة الرياضية المختلفة لفهم التحديات القانونية التي تواجه الرياضيين.
  6. إطلاق مبادرات لتعزيز الثقافة القانونية للعاملين في قطاع الرياضة.

وبهذا نستخلص، أنه يجب على المحكم أو الوسيط أو المحامي الرياضي الإلمام بالتشريعات الرياضية المحلية والدولية ومعرفة نطاق تطبيق كلاً منهم، إلى جانب الاطلاع على اللوائح والإجراءات الحاكمة لجميع الهيئات الرياضية المعنية وجهات تسوية المنازعات الرياضية على المستويين المحلي والدولي.