2025/05/14

يمثّل الكتاب الرابع من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي، بصيغته المعدّلة بموجب المرسوم رقم 2011-48، حجر الزاوية في تنظيم التحكيم في فرنسا. ويهدف إلى تحقيق التوازن بين حرية الأطراف من جهة، وضمان فعالية وسير العملية التحكيمية من جهة أخرى.

أولًا: نطاق التطبيق

يشمل هذا القانون التحكيم الداخلي والدولي، كما يُقر بحرية الأطراف في اختيار إجراءات التحكيم وقواعده، مع فرض رقابة قضائية محدودة لضمان احترام النظام العام.

ثانيًا: اتفاق التحكيم

يشترط لصحة شرط التحكيم أو الاتفاق التحكيمي، أن يكون مكتوبًا ويحدد بدقة موضوع النزاع. ويترتب على هذا الاتفاق نزع اختصاص المحاكم الوطنية عن النزاع المُحال إلى التحكيم.

ثالثًا: الهيئة التحكيمية

يُنظم القانون تشكيل هيئة التحكيم وعدد المحكمين وآلية تعيينهم، سواء من قبل الأطراف أو بواسطة قاضي الدعم عند النزاع. ويمنح الهيئة صلاحيات واسعة لتسيير الإجراءات، بما في ذلك البت في اختصاصها استنادًا إلى مبدأ (الاختصاص بالاختصاص).

رابعًا: إجراءات التحكيم

تتمتع الهيئة التحكيمية باستقلالية كاملة في تنظيم إجراءاتها ومرافعاتها وفق مبادئ العدالة والإنصاف، مع إقرار إمكانية طلب الأطراف تدابير تحفظية أو استعجالية وتنفيذها فورًا، ويلتزم المحكمون بإصدار الحكم النهائي خلال الأجل المتفق عليه أو 6 أشهر من التشكيل مع إمكانية تمديده لمرة واحدة، مع تحرير محاضر الجلسات والحفاظ على سرية كامل الإجراءات والوثائق ما لم يتفق الأطراف خلاف ذلك.

خامسًا: الحكم التحكيمي

يجب أن يصدر الحكم التحكيمي كتابيًا، ويُوقّع من قبل المحكمين، مع توضيح أسبابه. ويكتسب الحكم حجية الشيء المقضي به، ويجوز للطرف المتضرر طلب تنفيذه من المحكمة المختصة.

سادسًا: الطعن

نظّم المشرّع وسائل الطعن، بما في ذلك دعوى الإبطال في حالات مثل تجاوز الاختصاص أو مخالفة النظام العام. 

خاتمة

أعاد تعديل 2011 هيكلة نظام التحكيم في فرنسا ليواكب المعايير الدولية، ويُظهر توجّهًا نحو دعم التحكيم كوسيلة بديلة فعالة لحل النزاعات، قائمة على احترام إرادة الأطراف وضمانات العدالة الإجرائية.