2025/02/25

تناولت المحكمة العليا الأسترالية في حكمها الصادر في 14 أغسطس 2024 نزاعًا نشأ عن عقد مبرم بين CBI Constructors Pty Ltd  وChevron Australia Pty Ltd  يتعلق بتوفير الموظفين لمشروع Gorgon  للنفط والغاز. نشأت القضية من إجراءات تحكيمية خضعت لقانون التحكيم التجاري لعام 2012 في أستراليا الغربية، حيث سعت CBI إلى استعادة التكاليف المتفق عليها بموجب العقد، بينما زعمت شيفرون أنها دفعت مبالغ زائدة.

ملخص الوقائع

أبرمت CBI وشيفرون عقدًا يقضي بتوفير CBI لموظفين في مواقع بناء محددة، على أن تقوم شيفرون بسداد تكاليفهم. وقد نشب النزاع حول قيمة المبالغ التي كان يتعين دفعها.

بدأت CBI إجراءات التحكيم في فبراير 2017 للمطالبة بمبالغ إضافية تدعي أنها مستحقة بموجب العقد. وعُقدت جلسة تحكيم أولية في نوفمبر 2018 تناولت جميع المسائل المتعلقة بالمسؤولية القانونية، وأسفرت عن إصدار حكم تحكيمي أولي في ديسمبر 2018، حيث رفضت هيئة التحكيم مطالبة CBI باعتماد الأسعار التعاقدية بدلاً من التكاليف الفعلية.

وفي مايو 2019، طلبت هيئة التحكيم من CBI إعادة تقديم دفوعها بشأن حساب المبالغ المستحقة. فقدمت CBI  دفوعاً جديدة تعتمد على معايير تعاقدية جديدة.

وقد رفضت هيئة التحكيم اعتراض شيفرون الذي استند إلى (مبدأ الحجية القطعية  (res judicata و(مبدأ Functus Officio الذي يعني أداء هيئة التحكيم لوظيفتها بإصدار الحكم الأول بشأن نفس المسائل)، وأصدرت حكماً تحكيميًا ثانيًا لصالح CBI.

فتقدمت شيفرون بطلب إلى الدائرة الاستئنافية بالمحكمة العليا في أستراليا الغربية لإبطال الحكم التحكيمي الثاني بموجب المادة 34(2)(a)(iii)  من قانون التحكيم التجاري لعام 2012، مدعية أن هيئة التحكيم تجاوزت اختصاصها. فوافقت المحكمة على الطلب وأبطلت الحكم الثاني، مؤكدةً انعدام اختصاص هيئة التحكيم بعد الحكم الأول.

فتقدمت CBI Constructors بطعن في حكم الاستئناف أمام المحكمة العليا الأسترالية، فرفضت المحكمة الطعن، وأيدت حكم الاستئناف وأكدت عدم اختصاص هيئة التحكيم بإصدار الحكم الثاني.

الحكم وأسانيده القانونية

رفضت المحكمة العليا الاستئناف المقدم من CBI، مؤيدة حكم الاستئناف في أستراليا الغربية بعدم اختصاص هيئة التحكيم بإصدار الحكم التحكيمي الثاني.

الأسس القانونية للحكم:

1.   مبدأ الحجية القطعية (Res Judicata) ومبدأ :(Functus Officio) أكدت المحكمة أن الحكم التحكيمي الأول كان (نهائيًا وملزمًا)، مما يمنع هيئة التحكيم من إعادة النظر في نفس المسائل.

2.   سلطة المحكمة في مراجعة أحكام التحكيم: شددت المحكمة على أن المراجعة القضائية لمسائل الاختصاص في التحكيم تتم على أساس إعادة النظر (De Novo Review) وليس مجرد المراجعة الشكلية.

يعزز هذا الحكم مبدأ نهائية أحكام التحكيم وعدم جواز إعادة النظر فيها بعد صدورها، إلا في حالات استثنائية محددة. كما يرسخ دور المحاكم في ضمان عدم تجاوز هيئات التحكيم لاختصاصها، مع التأكيد على أن المحاكم تملك سلطة المراجعة الكاملة لمدى صحة اختصاص هيئة التحكيم، وليس مجرد التحقق من مدى معقولية قراراتها.


نقلاً عن:

رافائيل رين

محامٍ ومحكم