2025/03/13

يشهد العالم تطورًا غير مسبوق في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يثير تساؤلات حول تأثيره على مختلف المجالات، ومن بينها مهنة المحاماة. فهل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل المحامين، أم أنه مجرد أداة تعزز من كفاءتهم؟ تناول بحث بعنوان AI-Powered Lawyering: AI Reasoning Models, Retrieval Augmented Generation, and the Future of Legal Practice  هذا الموضوع بعمق، حيث استعرض أحدث التقنيات القانونية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل نماذج التفكير والاستدلال (AI Reasoning Models)  وتقنية استرجاع البيانات المعزز بالتوليد (RAG). وقد صدر البحث عام 2024 بدعم من جامعة مينيسوتا، جامعة ميشيغان، وشركات قانونية رائدة، ويعد من الدراسات المميزة التي تقيس تأثير هذه الأدوات على جودة وسرعة العمل القانوني.

الذكاء الاصطناعي في المحاماة: تطور أم تهديد؟

يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي قد يحدث تحولًا جذريًا في المحاماة، حيث يمكنه تنفيذ المهام القانونية الروتينية بسرعة وكفاءة أكبر. لكن بالمقابل، يحذر آخرون من أن هذه التقنيات قد تؤدي إلى (هلوسات) قانونية، أي تقديم معلومات غير دقيقة أو مختلقة.

تناول البحث مقارنة بين نموذجين رئيسيين:

  • نموذج التفكير والاستدلال (o1-preview) المُقدم من OpenAI، وهو مصمم لمعالجة المهام القانونية المعقدة بطريقة تحاكي تفكير المحامي.
  • نظام Vincent AI المُقدم من VLex، الذي يعتمد على تقنية RAG لاسترجاع المعلومات القانونية الدقيقة من مصادر موثوقة.

أظهرت الدراسة أن كلا النموذجين قد حسّن من جودة وسرعة العمل القانوني، لكن بنسب متفاوتة. حيث زاد Vincent AI من تنظيم ووضوح النصوص القانونية، في حين تفوق o1-preview في التحليل القانوني العميق، رغم أنه كان أكثر عرضة للوقوع في الأخطاء الناتجة عن الهلوسة.

ماذا يعني ذلك لمستقبل المحاماة؟

تشير نتائج البحث إلى أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل المحامين، بل سيصبح أداة أساسية لتعزيز كفاءتهم. المحامون الذين يتقنون استخدام هذه الأدوات سيحظون بميزة تنافسية، بينما قد يتأخر من يرفضون تبني هذه التكنولوجيا. كما أن هذه التقنيات ما زالت بحاجة إلى إشراف بشري دقيق لضمان الدقة القانونية وتجنب الأخطاء.

فيبدو أن الذكاء الاصطناعي يشكل مستقبلًا واعدًا للمحاماة، لكنه ليس بديلاً عن المهارات البشرية، بل مكمل لها. ومع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، من المتوقع أن نشهد تكاملًا أكبر بين الذكاء الاصطناعي والممارسات القانونية، مما يفرض على المحامين تبني هذه الأدوات بحذر وذكاء.