2025/04/28

يشهد قطاع الممارسة القانونية تحولاً جذريًا مع بروز تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي باتت تُستخدم كأدوات داعمة لتمكين المحامين من تحسين الكفاءة والدقة، والتفرغ للمهام القانونية ذات القيمة المضافة العالية. وقد صدر هذا الدليل المشترك بين مايكروسوفت وأكاديمية القانون في سنغافورة لتقديم إرشادات عملية حول استخدام هذه التقنيات من خلال ما يُعرف بـالهندسة التوجيهية للنصوص (Prompt Engineering). 

أولًا: الذكاء الاصطناعي التوليدي ودوره في العمل القانوني

يوضح الدليل أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمتلك قدرة فائقة على أتمتة المهام المتكررة مثل الفحص القانوني، وصياغة العقود، وتحليل البيانات، مما يسمح للمحامي بالتركيز على التحليل القانوني الاستراتيجي، وبناء الثقة مع العملاء، وتقديم المشورة التجارية الدقيقة. وقد أظهرت دراسة من مايكروسوفت أن استخدام هذه التقنية أدى إلى زيادة سرعة إنجاز المهام بنسبة 32% وتحسين الدقة بنسبة 20%.

ثانيًا: مبادئ صياغة التعليمات للذكاء الاصطناعي (Prompt Engineering)

يرتكز الدليل على أن فعالية أدوات الذكاء الاصطناعي تعتمد على جودة التعليمات المقدمة لها. ويقترح لتكوين (أمر توجيهي جيد) أن يتضمن:

  • الهدف: تحديد المطلوب من الأداة بدقة (مثل: صغ عقدًا، أو لخص مذكرة).
  • السياق: تقديم خلفية قانونية أو واقعية حول المهمة، بما في ذلك تحديد الجمهور المستهدف.
  • التوقعات: تحديد نبرة الإخراج (رسمية، ودية...)، الشكل (نص، جدول...)، والطول أو الحدود الزمنية.
  • المصادر: تحديد الوثائق أو الروابط المرجعية بوضوح، لضمان دقة النتائج.

ثالثًا: التطبيقات القانونية العملية

يتضمن الدليل مجموعة واسعة من المهام التي تهم المحامين، منها:

  • الصياغة القانونية: توليد مسودات أولية للعقود أو المذكرات القانونية.
  • التحليل القانوني: تقييم المخاطر ومطابقة العقود مع السياسات.
  • المرافعة والتقاضي: تحليل التناقضات بين الشهادات والأقوال.
  • دعم التقاضي: إعداد جداول زمنية للوقائع وتحليل الوثائق.
  • الامتثال التنظيمي: مراجعة القوانين واللوائح وتقديم التوصيات.
  • التواصل والفوترة: صياغة مراسلات العملاء وملخصات الفوترة.

رابعًا: الضوابط المهنية والأخلاقية

ينبّه الدليل إلى وجوب مراعاة الاعتبارات الأخلاقية عند استخدام هذه الأدوات، ومنها:

  • التحقق من النتائج: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الفحص القانوني الدقيق.
  • الخصوصية: تجنب إدخال معلومات حساسة دون التأكد من شروط الخصوصية.
  • الإفصاح: ضرورة الالتزام بسياسات الإفصاح المعتمدة لدى المحامي أو المكتب القانونية.

خامسًا: نصائح عملية للمحامين

يوصي الدليل بما يلي:

  • استخدام محادثة جديدة لكل مهمة لضمان التماسك.
  • اختبار الأمر التوجيهي عدة مرات وتحسينه تدريجيًا.
  • عدم الإفراط في الاعتماد على الأداة كمصدر وحيد.
  • حفظ التعليمات الناجحة لاستخدامها لاحقًا.


يمثل هذا الدليل خطوة مهمة نحو تعزيز التفاعل الذكي بين المحامين وأدوات الذكاء الاصطناعي، بما يحقق كفاءة مهنية دون التفريط في المسؤولية القانونية. إن تبني (الهندسة التوجيهية) بوصفها مهارة قانونية جديدة سيكون من شأنه إعادة تشكيل ملامح المهنة القانونية مستقبلاً، بشرط أن يتم ذلك ضمن أطر ضابطة تحترم القيم المهنية والخصوصية والعدالة.

للتدريب على مهارات استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال القانونية بأمان، تواصل معنا الآن