تنفيذ أحكام التحكيم التي قضي ببطلانها في دولة النزاع
أ محمد مصطفى  البنداري

أ محمد مصطفى البنداري

باحث قانوني بالأكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم
2022/10/02

الاتجاهات القضائية في تنفيذ قرارات التحكيم التي قضي ببطلانها في دولة النزاع

بلغ عدد الدول المنضمة إلى اتفاقية نيويورك 1958 بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية 154 دولة، وبالرغم من الدور الهام الناشئ عن اعتماد قواعد الاتفاقية في تطوير آليات التحكيم الدولي وتنفيذ قراراته، إلا أنه ثار الخلاف حول تنفيذ قرارات التحكيم الباطلة في قضاء العديد من الدول، وتفرع عن ذلك اتجاهين قضائيين الأول لا يسمح بتنفيذها طالما أبطلتها محاكم دولة النزاع والثاني يسمح بتنفيذ تلك الأحكام بالرغم من بطلانها [1]. وفيما يلي نوضح الاتجاهين مع أمثلة من القضاء الفرنسي والأمريكي.

الاتجاه الأول: المدرسة الكلاسيكية

ويرى أنصار هذا الاتجاه منح قرار البطلان الصادر من محكمة مقر التحكيم الاحترام ويعتبر الحكم غير قابل للتنفيذ في أي ولاية قضائية أخرى، فيمنع حكم محكمة الاختصاص بالبطلان أي محكمة أخرى على مستوى العالم من الاستماع إلى طلبات تنفيذ القرار التحكيمي.

وأمثلة ذلك الحكم الصادر من محكمة استئناف لوكسمبورغ عام 2017 برفض تنفيذ حكم تحكيمي صادر بالمكسيك لصالح Pemex Commisa بقيمة ثلاثمائة مليون دولار ضد شركة النفط والغاز المكسيكية، استناد إلى أنه تم ابطاله من محاكم المكسيك.

كذلك أيضا في عام 1997 رفضت محكمة Northern District de New York  تنفيذ حكمي التحكيم الصادر لصالح Baker Marine في دعوتين تحكيميتين نظرا أمام هيئة التحكيم بمدينة لاجوس النيجيرية، وصدر حكم ببطلانهما أمام المحاكم النيجيرية [2].

الاتجاه الثاني: الحكم التحكيمي عديم الجنسية

ويرى أنصار هذا الاتجاه أن الغرض من دولية التحكيم وجوب إفلات حكم التحكيم من الخضوع لأي قانون إجرائي وطني، وهو اتجاه يتيح للمحاكم فك الارتباط بين دولة المنشأ ودولة التنفيذ، وهو الاتجاه الذي ذهبت إليه المحاكم الفرنسية.

فقد اعتمد جوهر استدلال المحاكم الفرنسية في تنفيذ هذه الأحكام على المادة السابعة من اتفاقية نيويورك، والتي تنص على أن "لا تخل أحكام هذه الاتفاقية بصحة الاتفاقية الجماعية أو الثنائية التي أبرمتها الدول المتعاقدة بشأن الاعتراف بأحكام المحكمين وتنفيذها ولا تحرم أي طرف من حقه في الاستفادة بحكم من أحكام المحكمين بالكيفية وبالقدر المقرر في تشريع أو معاهدات البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ" نظرًا لأن إلغاء قرار التحكيم ليس أحد أسباب رفض التنفيذ بموجب القانون الفرنسي.

كما اعتمدت على نص المادة الخامسة (1/هـ) "لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يجتح عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على: ...... (هـ) أن الحكم لم يصبح ملزما للخصوم أو ألغته أو أوقفته المختصة في البلد التي فيها أو بموجب قانونها صدر الحكم"، كما رأت المحكمة الربط بين نص المادة الخامسة مع المادة السابعة كأساس لإنفاذ القرارات الملغاة في موطن النزاع.

وأمثلة ذلك الحكم الصادر من محكمة استئناف باريس في القضية محل الدراسة كرومالوي القاضي بتنفيذ حكم التحكيم الصادر بحقه حكم بطلان من المحاكم المصرية.

كذلك حكم المحكمة الجزئية لمنطقة كولومبيا بتنفيذ قرار التحكيم المقضي ببطلانه من محكمة استئناف القاهرة في تحكيم بمقرها في مصر بذات الدعوى، ولكن في السوابق القضائية الأحدث، اتخذت المحاكم الأمريكية موقفًا معاكسًا ورفضت تنفيذ أحكام التحكيم على أساس أنه تم إلغاؤه من قبل المحاكم في مقر التحكيم.

المصادر

  • [1] - بحث مقدم من الدكتور عبد الحميد الأحدب، مؤتمر التحكيم بين القانون القطري والاتفاقات الدولية، بحث بعنوان اتفاقية نيويورك والعلاقة بين قرارات قاضي بلد منشأ الحكم التحكيمي وقرارات قاضي بلد تنفيذ الحكم التحكيمي، 2018، ص6 -10.
  • [2] - مجلة التحكيم العربي، بحث مقدم من الدكتورة حفيظة الحداد، الرقابة القضائية على أحكام التحكيم بين الازدواجية والوحدة، العدد الخامس، يناير 2010، ص 66 – 80

شهادة المحكم المحترف

انضم للمشاركين في شهادة المحكم المحترف وامتلك مهارات

  • صياغة اتفاق التحكيم وكشف الاخطاء
  • تشكيل هيئة التحكيم
  • اختيار المحكمين
  • ادارة جلسات التحكيم
  • صياغة حكم التحكيم
  • تنفيذ احكام التحكيم

سجل الان