يونيو ٢٠٢٣ استئناف باريس ترفض تنفيذ حكم جزئي بشأن تحكيم بقيمة ١٤.٩٢ مليون دولار لصالح ورثة سلطان سولو ضد ماليزيا
المحامي وليد عثمان

المحامي وليد عثمان

شريك مؤسس شورى للمحاماة والتحكيم رئيس الاكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم .
2023/07/26

بجلسة ٦/٦/ ٢٠٢٣ أصدرت محكمة استئناف باريس حكماً برفض تنفيذ حكم جزئي بشأن تحكيم يقضي بإلزام دولة ماليزيا بدفع تعويض بقيمة ١٤.٩٢ مليون دولار أمريكي لصالح ورثة سلطان سولو، وقد أسست حكمها على عدم قابلية تطبيق اتفاق التحكيم؛ حيث أن اختصاص هيئة التحكيم (محكم فرد السيد/ Dr. Gonzalo Stampa) مبني على اتفاقية تعود إلى القرن التاسع عشر، والتي بموجبها يحال أي نزاع إلي القنصل العام في بروناي بصفته آنذاك الإمبراطورية البريطانية، المنصب الذي لم يعد له وجود عند نشوء النزاع.

خلفية النزاع

وتدور وقائع القضية حول تنفيذ اتفاقية موقعة عام ١٨٦٨ بين سلطان سولو ومستكشفين أوروبيين بشأن استغلال الموارد الطبيعية للساحل الشمالي لجزيرة بورنيو والتي تقع حالياً في ولاية صباح بدولة ماليزيا، والتي بموجبها يمنح المستكشفين الأوروبيين حقوق الاستغلال مقابل مبلغ مالي سنوي يدفع لصالح السلطان وورثته، وقد استمر الوفاء حتى عام ٢٠١٣.

ذا اختلف الطرفان حول طبيعة الاتفاقية؛ حيث اعتبرها ورثة سلطان سولو عقد ايجار، بينما اعتبرها ماليزيا اتفاقية نقل ملكية وسيادة.

وبعد مفاوضات فاشلة بشأن مقابل الاستغلال، بدأت الورثة إجراءات التحكيم مستندة إلى الاتفاقية الموقعة عام ١٩٠٣ م والتي تنص على

" في حالة نشوء أي نزاع، أو إعادة إحياء جميع المظالم من أي نوع (...)، فسيتم عرض الأمر على القنصل العام لصاحبة الجلالة في بروناي للنظر فيه أو الحكم عليه ". 

الإجراءات أمام القضاء الإسباني والفرنسي

في عام ٢٠١٧ أصبح منصب القنصل العام في بروناي غير موجود، ورفض وزير الخارجية البريطاني تولي دور المحكم، كما رفضت دولة ماليزيا الشروع في التعيين المشترك لأحد المحكمين، الأمر الذي دفع ورثة سلطان سولو لتقديم طلب إلى المحكمة العليا في مدريد لتعيين محكم، مستنداً لاتفاقية الموقعة عام ١٨٧٨ بين الجزيرة وإسبانيا صاحب السيادة على الإقليم آنذاك.

وبتاريخ ٢٥ مايو ٢٠٢٠ صدر حكم تحكيم جزئي من محكمة مدريد العليا بتعيين الدكتور (Stampa) كمحكم فرد.

طعنت ماليزيا على قرار التعيين أمام المحكمة العليا في مدريد، وبجلسة ٢٩ يونيو ٢٠٢١ ألغت تعيين الدكتور (Stampa).

في الوقت ذاته حصلت ورثة السلطان سولو على أمر من رئيس محكمة باريس بتنفيذ حكم تعيين الدكتور (Stampa)، وبتاريخ ٢٩/١٠/ ٢٠٢١ قرر الدكتور (Stampa) عَقد جلسات التحكيم وسماع الشهود والخبراء إلى باريس بدلاً من مدريد مقر التحكيم.

وبتاريخ ٢٨ فبراير ٢٠٢٢، أصدر الدكتور (Stampa) حكماً نهائياً موضوعياً بإلزام ماليزيا بدفع تعويض بمبلغ ١٤.٩٢ مليون دولار أمريكي لصالح ورثة سلطان سولو.

الأمر الذي دفع دولة ماليزيا للطعن على أمر رئيس محكمة باريس بتنفيذ الحكم الجزئي الصادر في ٢٥ مايو ٢٠٢٠ في مدريد بتعيين الدكتور (Stampa) أمام محكمة استئناف باريس، تأسيساً على عدم اختصاص هيئة التحكيم لعدم وجود اتفاق على التحكيم.

وبجلسة ٦/٦/ ٢٠٢٣، حكمت محكمة استئناف باريس بعدم اختصاص المحكم الفرد المعين بالحكم الجزئي المؤرخ في ٢٥ مايو ٢٠٢٠، وإلغاء أمر رئيس محكمة باريس بتنفيذه والصادر بتاريخ ٢٩/٩/٢٠٢١، تأسيساً على عدم قابلية تطبيق اتفاق التحكيم بصيغته الواردة؛ حيث اعتبرت المحكمة الاتفاق الوارد اتفاقاً صحيحاً على التحكيم تطبيقاً لمبدأ " حسن النية" ومبدأ الفاعلية هو مبدأ القانون الأصلح لاتفاق التحكيم، ورغم ذلك اعتبرت أن اتفاق التحكيم غير قابل للتطبيق؛ حيث أشارت للدور الحاسم الذي لعبه القنصل العام البريطاني السابق السير ويليام تريشر خلال المفاوضات، وحثه الأطراف على إحالة المنازعات التي تثور بشأن الاتفاقية إلى القنصل العام البريطاني، واعتبرت أن لا يمكن الفصل بين موافقة الأطراف على التحكيم وقبولهم تعيين القنصل العام البريطاني كمحكم.

وحسمت المحكمة مسألة تفسير اتفاق التحكيم في ضوء العديد من الترجمات للنص المتفق عليه.

وبذلك يقر القضاء الفرنسي ما استقرت عليه القواعد المادية عبر الدولية المستقرة في مجال التحكيم التجاري الدولي، من أنه ينبغي الوصول إلى تحقيق أكبر قرصة ممكنة لصلاحية اتفاق التحكيم بعيداً عن القوانين الوطنية.

ويذكر، أن ماليزيا تقدمت بدعوى جنائية ضد دكتور أمام محكمة مدريد الجنائية.

الخطوات المنتظرة

إلغاء قرار تنفيذ تعيين المحكم من قبل محكمة استئناف باريس سيؤثر بالضرورة على إمكانية تنفيذ حكم التحكيم النهائي، وسوف يواجه ورثة سلطان سولو عقبات لتنفيذ الحكم؛ رغم حصولهم على أمر بالتنفيذ على شركة بتروناس للنفط المملوكة للحكومة الماليزية في هولندا ولوكسمبورج.

كما أنه من المنتظر أيضاً تقديم ورثة سلطان سولو طعناً على حكم محكمة استئناف باريس أمام محكمة النقض الفرنسية

التعليق

مما سبق يتضح لنا دور البارز للمحامين والخبراء القانونيين عند صياغة اتفاق التحكيم، إذا يجب الابتعاد عن المعايير الشخصية عن وضع شروط تعيين هيئة التحكيم، كما يظهر لنا أهمية الترجمة القانونية وأثرها على قرار محكمة باريس بتفسير نص التعاقد على أنه اتفاق صحيح على التحكيم

لتحميل نص الحكم

المؤتمر العربي الرابع للتحكيم

انضم للمشاركين في المؤتمر العربي الرابع للتحكيم تحت شعار تمكين وتوطين ويهدف المؤتمر الى

  • الإلمام بمستحدثات التحكيم العربي والدولي.
  • توطين ودعم صناعة التحكيم في المنطقة العربية.
  • الحد من هجرة قضايا التحكيم لمقرات تحكيم أجنبية.
  • تمكين المحكمين العرب على المستويين العربي والدولي، ودعم اختيارهم في القضايا الكبرى.
  • الاطلاع على التجارب الأجنبية الناجحة في شأن توطين صناعة التحكيم.
  • فتح آفاق التعاون بين المهنيين من مختلف الجنسيات العربية.