هل أسعار الخدمات القانونية والمحاماة منطقيةٌ أم مبالغ فيها؟ على أي أساس تُسَّعر أتعاب المحامين؟

تعتمد الاجابة على التساؤل على مستوى نضج النظام البيئي لقطاع المحاماة والاستشارات القانونية الذي يختلف من بلد لآخر ومن مدينة لآخر. فالأسعار هي قراءة لسلوك العملاء، وسيكولوجية الإنفاق، وحجم السوق، ودور الجهات الرقابية والقضائية؛ فتلك عوامل أساسية تؤثر في مخاطر تسعير الأعمال.

يلجأ العميل إلى المحامي ليساعده في خدمة قانونية، فالمحامي الجيد هو من يستطيع تحويل المواد الأولية (القوانين) إلى قيمة مضافة تلبي حاجة العميل. ولا يبحث العميل عن محام ينقل مخاطر القانون إليه، أو يكون مجرد ممثل أو كاتب لما يريده؛ بل غايته حلول عملية، وخيارات ذكية، توصله لما يحتاجه.

إن محل التعاقد مع المحامي في الغالب أنه تقديم "خدمة" وليس "منتج"، وهنا تكمن صعوبة قياس "القيمة غير المحسوسة"؛ كقياس قيمة الأمان في عقود التأمين مثلاً. ولفهم أدق، وتصور أعمق، فإن هناك 10 عوامل تساعد في تجسيد قيمة الخدمة القانونية، كما يلي:

1- توقيت طلب الخدمة.

 سواء كانت الخدمة التي يسعى إليها العميل ترافع أو استشارة قانونية؛ فإن توقيت طلبها يؤثر في تسعير الخدمة. فالموضوع كلما تشعب، وتأخرت معالجته، أو رغب العميل الانتهاء منه عاجلاً في وقت يكلف المحامي كلما ارتفعت الأتعاب؛ اعمالا لقانون الكثرة والندرة والعرض والطلب!

2- زيادة الموثوقية والجودة

إن إشراك عدد أكبر من الخبراء والمختصين في الممارسة القانونية يعطي الموضوع أبعاداً أوسع وموثوقية أعلى؛ وبلا شك أن ينعكس ذلك على زيادة الأتعاب، لزيادة القيمة المقدمة للعميل. لذا يلجأ العملاء إلى العناية بمستوى المختصين وفقا لتعقيد وأهمية كل خدمة على حدة.

3- الابتكار

تعتمد بعض الخدمات القانونية على "الابتكار" الذي يوفر على العميل نفقات كبيرة ووقت وجهد يمكن تقييمه مالياً؛ وبالتالي تمتاز بعض الخدمات بطابع الابتكار والتخصص الفريد الذي لا يقيم وفق المعتاد لأنها غير المعتاد. وهو ما يعرف بـ"استراتيجية القيمة".

4- التسعير الاختياري

وهي استراتيجية تعتمد على طرح سعر منخفض للخدمة، لكن يترك للعميل مهمة رفع السعر للمستهلك بناء على الخدمات الاضافية او تسعير أصل الاختيار وما يترتب عليه من خدمات لاحقة ودعم مستمر.

5- التسعير التفاوضي

وهي استراتيجية تعتمد على طرح سعر أولي للخدمة ثم يترك المجال للعميل في المفاوضة بناء على عدة معايير كسمعة العميل، وتكرار طلب الخدمة، ودخول مجال جديد أو محتكر أو تقديم عرض منافس. وترتكز هذه الاستراتيجية على طرح سعر أولي وسعر تفاوضي مشروط بتحقيق قيمة مستقبلية.

6- التكلفة الفعلية

وهي استراتيجية يفصح المحامي فيها عن تكلفة ساعة العمل مشمولة بهامش الربح، وتعتمد بالدرجة الأولى على محاسبة التكاليف المباشرة وغير المباشرة للخدمة. ويفضل عدد من العملاء التسعير بالساعة مع وجود حدود دنيا وعليا توضح التوقعات وتجسد كل خدمة.

7- تسعير تكلفة الاستغلال

وهي مقاربة لاستراتيجية التكاليف الفعلية لكنها ذات خيارات أوسع في أسلوب احتساب استغلال وقت وأصول مكتب المحاماة، وتوقعاتهم فيما يتناسب مع ما يشغل وقتهم مقارنة بتولي أعمال أخرى.

8- التميز الشخصي

وهي استراتيجية تعتمد على الطابع الشخصي لخبرة المحامي، وسمعته التي تحققها خلال مسيرته المهنية. فكما أن للعلامة التجارية "قيمة مادية" يدفعها العميل فكذلك للخبرة "قيمة مادية" تكون معيار التفرقة بين المحامين لاسيما في نوعية الاستشارات والقضايا.

9- التسعير التنافسي

تركز استراتيجية المنافسة على تقديم خدمات متميزة تنافس الطرح السائد في السوق سواء من حيث السعر، أسلوب تقديم الخدمة، الاعتمادية، سجل نجاحات موثوق، السمعة المهنية، المصداقية. وليس بالضرورة أن تعني المنافسة مجرد سعر أقل وإنما قيمة عالية بسعر منافس.

10- القيمة الأعلى

وهي استراتيجية مرنة تحقق موازنة بين الوقت، والتكلفة، والجودة؛ وفقا لرغبة العميل فتكون باقة خدمة تناسب احتياجاته، وتعتمد هذا الاستراتيجية على المصداقية والذكاء في استقطاب العملاء .

من المفيد للمحامي أن يعرف أسس تقييم الخدمة التي يقدمها، فإن كان موظفا كان معلوما لديه تكلفة ساعة خدمته، إما إن كان صاحب مكتب مستقل فمن الضروري معرفته بأسس التسعير.

ملخّص كتيب: ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﺴﻌﻴﺮ مبادئه ومعالمه الأساسية.

المصدر: سلسة تغريدات الأستاذ بكر الهبوب على منصة تويتر