وسائل تطوير مهارات المستشار القانوني
2023/10/18

يلعب المستشار القانوني دوراً أساسياً في تقديم التوجيه والمشورة القانونية للعملاء سواء كانوا أفرادً أو مؤسسات. ولكي تكون مستشاراً قانونياً فعالاً، يجب أن تمتلك مجموعة متنوعة من المهارات، بما يشمل المعرفة القانونية والتفكير النقدي ومهارات التواصل والتفاوض وحل المشكلات والمهارات التحليلية.ومن المتفق عليه أن اكتساب هذه المهارات وتطويرها يتطلب قدراً كبيراً من الجهد والممارسة والتعلم المستمر. لذلك، من الضروري للمستشارين القانونيين متابعة وسائل تطوير مهاراتهم باستمرار. (أقرأ المزيد عن المهارات الأساسية للمستشار القانوني )

ويشمل ذلك حضور الدورات التدريبيبة المتخصصة، والمشاركة في التدريب المؤسسي الداخلي، والانخراط في التعلم من الرؤساء والزملاء من ذوي الخبرات، وقراءة الأدبيات القانونية، وتقبل التعليقات والنقد البناء الذي يهدف إلى تنمية المهارات. ومن خلال التطوير المستمر لمهاراتهم، يمكن للمستشارين القانونيين تعزيز كفاءتهم وبناء سمعتهم وتقديم خدمات قانونية عالية الجودة لعملائهم.

وتعد واحدة من أهم المهارات التي يحتاجها المستشار القانوني، هي امتلاك المعرفة ليس فقط بالأمور القانونية البحتة بل أيضاً يجب أن يكون على دراية بالتطورات الحالية في الأعمال التجارية المحلية والوطنية والعالمية، لاسيما تلك التي تتصل بالقضايا التي تؤثر على المؤسسة القانونية وعملائها. حيث غالباً ما يتوقع العملاء والمؤسسات ذات الطبيعة التجارية، أن يفهم المستشار القانوني كيفية إدارة أعمالها، وما هي القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الأوسع التي قد تؤثر عليها. كما يُتوقع كذلك من المستشار القانوني تقدير الآثار القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل المتصلة بقضايا مؤسسته وعملائه، والتفكير بشكل استراتيجي حول نقاط القوة والضعف والفرص المتاحة والممكنة والتهديدات والمخاطر المحتملة في المؤسسة. وهذا يُمكن المستشار القانوني من تقديم المشورة القانونية المناسبة وذات العقلية التجارية –إذا لزم الأمر- بأفضل طريقة ممكنة.

وبالإضافة إلى المهارات العملية لابد أن يتحلى المستشار القانوني ببعض المهارات الفنية والتقنية وكذلك الشخصية، وذلك لما يتسم به هذا العصر من الاعتماد على التكنولوجيا وسرعة نقل المعلومات. بما يشمل مهارات استخدام الحواسيب والبرامج المتعلقة بها، ويعتمد المستشارون القانونيون على مهارات الاتصال الكتابية الخاصة بهم لصياغة المستندات القانونية مثل عرائض الدعاوى والعقود واتفاقيات براءات الاختراع. كما لابد من أن تتوافر لديهم مهارات التواصل اللفظي للقاء العملاء وتقديم المشورة بشأن المسائل القانونية. وتعد مهارات الاستماع النشط ذات أهمية كبيرة أيضا للمستشارين القانونيين لفهم احتياجات وأسئلة عملائهم وللتواصل الفعال مع زملائهم داخل حدود المؤسسة وخارجها.

  • وفي ضوء ما سبق، نتناول في هذا المقال النقاط التالية:
  • أولاً: حضور الدورات التدريبية وورش العمل القانونية
  • ثانياً: المشاركة في المؤتمرات والمنتديات القانونية
  • ثالثاً: قراءة ودراسة الأدبيات والأبحاث القانونية الحديثة
  • رابعاً: الاستفادة من تجارب الزملاء والمحترفين القانونيين الأكثر خبرة
  • خامساً: الاستمرار في التعلم والتحديث القانوني
  • سادساً: العمل على تطوير المهارات الشخصية والتواصل
  • سابعاً: اكتساب الخبرة العملية والمشاركة في المشاريع القانونية التطوعية

أولاً: حضور الدورات التدريبية وورش العمل القانونية

إن المستشار القانوني في حاجة إلى تعزيز معرفته ومهاراته دائماً وبشكلٍ مستمر. إحدى الطرق الفعالة لتحقيق ذلك هي من خلال الدورات التدريبية المصممة خصيصا للمستشارين القانونيين. توفر هذه الدورات فرصة قيمة للمستشارين القانونيين لتعلم مهارات جديدة وتوسيع معرفتهم والبقاء على اطلاع بأحدث التطورات القانونية. وبهذه الطريقة، يمكن أن تساعد الدورات التدريبية المستشارين القانونيين في تقديم خدمة أفضل لعملائهم والحفاظ على كفاءتهم المهنية.

إن استثمار المؤسسة في موظفيها وممثليها ومن أهمهم المستشار القانوني يُعد من أهم استثماراتها، إن لم يكن الأهم على الإطلاق، لأن هذا يعادل استثماراً في مستقبلها، وهو مايعزز قدرة موافقة المؤسسة وممثليها مع الاحتياجات المتغيرة للعملاء. فإلى جانب الدورات التدريبية المتخصصة في المجال القانوني، يعد المجال الرقمي من أهم المجالات التي لابد للمستشار القانوني تلقي ما يشمله من الدورات والبرامج التدريبية. فمع تزايد حجم العمل القانوني الذي يتم إنجازه رقمياً، هناك حاجة إلى تدريب جديد في مجالات مثل الأمن السيبراني وذلك لضمان الحفاظ على سرية البيانات. كما يُتوقع من المستشار القانوني في هذا العصر أن يكون ماهراً فيما يتعلق بتقنيات إدارة المخاطر، الأمر الذي يتطلب تدريباً متخصصاً. فعدم توافر العلم بهذه الأمور يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة من العملاء والفشل في مواكبة الممارسات الحديثة.

ورغم كون التدريب القانوني مهمة ضرورية إلا أنها بالفعل تستغرق وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى أعباء العمل الثقيلة بالفعل. فما يقرب من ثلاثة أرباع المستشارين والمهنيين القانونيين يكافحون من أجل إيجاد وقت للتدريب الأساسي. على الجانب الأخر، فإن المحامين الجدد الذين بدأوا في الظهور لديهم مجموعة واسعة من المهارات وطرق التعلم المختلفة مقارنة بالعديد من المستشارين القانونيين الأكبر سناً. هذا يعني أن المؤسسة قد تحتاج إلى اعتماد طرق متعددة لتدريبها القانوني للتأكد من أنها تشرك جميع موظفيها بغض النظر عن سنهم أو مكانتهم الوظيفية. وقد وجد الاستطلاع أن 75٪ من المستجيبين يدرجون المحتوى الجذاب باعتباره أهم متطلباتهم في الدورات التدريبية. مما يدل على أهمية فهم عادات التعلم لدى الأفراد واستغلالها لتحقيق أعلى استفادة ممكنة من الدورات والبرامج التدريبية

وبشكلٍ عام، يعتبر التدريب والتأهيل المستمرين للمستشاريين القانونيين أمراً في غاية الأهمية ولايمكن الاستغناء عنه. وذلك لما يستجد من أمور في المجال القانوني سواء على مستوى النصوص القانونية والتشريعات وما يستجد من تعديلات فيها، وأيضاً على المستوى الرقمي والتكنولوجي. مما ييسر من عمل المستشار القانوني ويساعد على تنمية مهاراته بما يصب في النهاية في مصلحة المؤسسة التي يمثلها ككل.

الشهادة المهنية في الإستشارات القانونية - برنامج تدريبي متخصص للمستشارين القانونيين والعاملين في الإدرات القانونية سجل الان

ثانياً: المشاركة في المؤتمرات والمنتديات القانونية

تعد المشاركة في المؤتمرات والمنتديات القانونية أمراً بالغ الأهمية للمستشار القانوني للبقاء على اطلاع بأحدث التطورات في مجاله. توفر المؤتمرات والندوات فرصة قيمة للمستشارين القانونيين للتواصل مع زملائهم ومشاركة معارفهم وخبراتهم والتعلم من ذوي الخبرات والكفاءات في هذا المجال من خلال حضور هذه الفعاليات، يمكن للمستشارين القانونيين اكتساب معارف جديدة فيما يتعلق بالاتجاهات الناشئة والتشريعات واللوائح الجديدة وأفضل الممارسات من الخبراء في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، تساعد المشاركة في هذه الفعاليات المستشارين القانونيين على بناء سمعتهم المهنية وزيادة ظهورهم داخل المجتمع القانوني. كما قد يساعدهم ذلك في اكتساب عملاء جدد وإحالات من خلال مشاركتهم في المؤتمرات والمنتديات القانونية. باختصار، تعد المشاركة في المؤتمرات والمنتديات القانونية أمراً ضرورياً للمستشارين القانونيين للبقاء على اطلاع وبناء شبكة علاقات قوية وتعزيز تطورهم المهني


ثالثاً: قراءة ودراسة الأدبيات والأبحاث القانونية الحديثة

إن مهنة المستشار القانوني تتصل دائماً وباستمرار مع تطور القوانين واللوائح وما تصدره المحاكم العليا من أحكام جديدة أو تعديلات لاتجاهات قضائية سابقة نتيجة لذلك ، من الضروري للمسستشار القانوني البقاء على اطلاع بأحدث التطورات في مجاله. وتعد قراءة الأدبيات والبحوث القانونية الحديثة واحدة من أهم الطرق للقيام بذلك. فالاطلاع المستمر على ما يستجد من أدبيات وأبحاث في المجال القانوني يوفر للمستشار القانوني المعرفة اللازمة لفهم المسائل القانونية المعقدة بشكل أفضل وبالتالي تزويد عملائه بأفضل مشورة قانونية ممكنة.

وإلى جانب مواكبة الاتجاهات القانونية الحالية، فإن قراءة الأدبيات والبحوث القانونية تساعد المستشار القانوني على تطوير تفكيره النقدي ومهاراته التحليلية. وهو ما يعد مهم بشكلٍ خاص عند التعامل مع القضايا القانونية المعقدة التي تتطلب تحليلاً مفصلاً للوقائع والقانون. كذلك تساعد كثرة القراءة والإطلاع المستشار القانوني على تحسين مهاراته التحليلية مما يؤثر على طريقة تحليله للحجج القانونية وبالتالي يساعده على تطوير استراتيجيات قانونية فعالة في حل القضايا والنزاعات التي تُعرض عليه.

رابعاً: الاستفادة من تجارب الزملاء والمحترفين القانونيين الأكثر خبرة

تتمثل إحدى الفوائد الأساسية للتعلم من المهنيين القانونيين ذوي الخبرة الاستفادة من خبراتهم في تعلم استراتيجيات جديدة وتحسين الأداء العام للمستشار القانوني.

كما يمكن أن يساعد التعلم من المهنيين القانونيين المحترفين وذوي الخبرة أيضا في تحديد مجالات جديدة للتخصص أو توسيع مجال ممارسة المهنة للمستشار القانوني. من خلال الاستفادة من معرفة وخبرة الآخرين، يمكن للمستشار القانوني التعرف على الاتجاهات القانونية الناشئة ومدى توافر الطلب عليها. كما يمكن أن يساعده ذلك في تحديد مجالات التخصص الجديدة مما يساعد في تطوير المؤسسة التي يمثلها وتمييزها عن المنافسين.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن الاحتكاك بذوي الخبرات من المستشارين والمهنيين القانونيين يساعد في بناء شبكة علاقات قوية. فإلى جانب الاستفادة من معارفهم وخبراتهم، فربما يتم حدوث تعاون في المشاريع المستقبلية. مما يساهم بشكلٍ كبير في زيادة خبرة وفعالية المستشار القانوني.

خامساً: الاستمرار في التعلم والتحديث القانوني

أحد الأسباب الرئيسية للبقاء على اطلاع دائم هو ضمان حصول العملاء على الاستشارة القانونية الدقيقة وفي الوقت المناسب. فالمشهد القانوني دائم التجدد والتغيير، حيث يتم تمرير قوانين ولوائح جديدة بانتظام. ويخاطر المستشارون القانونيون الذين ليسوا على اطلاع دائم بهذه التغييرات بتقديم أراء قديمة أو غير صحيحة لعملائهم، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.

فالمؤسسات اليوم تحتاج إلى المستشار القانوني ليس فقط لحل المشكلات القانونية، ولكن أيضاً لدعم جهود تطوير أعمالها. لذا يجب أن يبقى على دراية بكل ما هو جديد فيما يخص مجال المؤسسة التي يمثلها وليس فقط المجال القانوني. فإلى جانب المعرفة القانونية يُفضل أن يكون لديه دراية بالأعمال التجارية وإدارة المشاريع وتحليل البيانات والتكنولوجيا، وما يتصل بهذه المجالات من نصوص وتشريعات قانونية.

فبالرجوع إلى دراسة استطلاعية تم إجرائها عام 2022 في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية حول مدى جاهزية المستشاريين القانونيين للمستقبل المتمثل في الانتقال لاستخدام التكنولوجيا في المجال القانوني نجد أن حوالي 91% من الشركات تتوقع أن تستفيد الشركات القانونية التي تمثلها من التكنولوجيا في المستقبل بشكلٍ كامل. كما قرر أكثر من 80% من المحامين والمستشاريين القانونيين أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لهم العمل في مكتب محاماة أو قسم قانوني خبير في التكنولوجيا. مما يلفت النظر إلى أهمية أن يبقى المستشار القانوني على دراية بكل ما يستجد في هذا المجال المعروف باسم التكنولوجيا القانونية (legal Technology).

سادساً: العمل على تطوير المهارات الشخصية والتواصل

المهارات الشخصية وخاصةً التواصل هو المفتاح في أي بيئة مهنية، لكنه مهم بشكل خاص في المجال القانوني. فالمستشار القانوني يجب أن يكون قادراًعلى التواصل بفعالية مع العملاء والزملاء والقضاة. وأن تتوافر لديه القدرة على شرح المفاهيم القانونية المعقدة بوضوح ودقة. بالإضافة إلى مهارات التفاوض والإقناع للتوصل إلى أفضل الاتفاقات الممكنة.

وكذلك، العمل بشكل جيد تحت الضغط هو أحد أهم المهارات الشخصية التي يجب أن يتمتع بها المستشار القانوني. غالبا ما يواجه المستشارون القانونيون مواعيد نهائية ضيقة. لذا، يجب أن يكونوا قادرين على التفكير بوضوح والبقاء هادئين تحت الضغط. كما يجب أن يكونوا قادرين على إدارة وقتهم بفعالية وتحديد أولويات المهام.

ويفيد كلاً من حضور الدورات التدريبية والمؤتمرات والندوات كثيراً في التحسين من المهارات الشخصية وتنميتها، لما في ذلك من احتكاك بالأخرين من ذوي الخبرات، حيث يتم تبادل المعلومات والخبرات فيما بينهم مما يزيد من الثقة بالنفس وهو ما ينعكس بالإيجاب على مهارات التواصل والمهارات الشخصية الأخرى لدى المستشار القانوني. وكذلك قراءة الكتب والمجالات والأبحاث القانونية

كما أن تنظيم الوقت والإدارة الفعالة للمهام ينعكس دائماً بالإيجاب على مهارة العمل تحت الضغط، حيث يُشعر المستشار القانوني بالهدوء والتأني والسيطرة التامة على الأمور

سابعاً: اكتساب الخبرة العملية والمشاركة في المشاريع القانونية التطوعية:

مما لا شك فيه أن للقانون يد في كل جانب من جوانب المجتمع. حيث يمكن استخدام خدمات المجتمع القانوني ضمن مبادرات ومشاريع التنمية لإحداث تغيير مهم في المجتمع. لذلك، من المهم أن نعمل جميعاً، في مرحلة أو أخرى، كمتطوعين للارتقاء بمجتمعنا والنهوض به.

وكمستشار قانوني، يمكن أن تكون خبرتك ومعرفتك رصيدًا قيماً للمجتمع. فلا يقتصر الأثر الإيجابي للتطوع على المجتمع وحسب، بل يمكن أن يكون له أيضا تأثير إيجابي على حياتك المهنية. وفيما يلي بعض الأسباب التي تجعل المشاركة في الأنشطة القانونية التطوعية مهماً للمستشار القانوني:

·  بناء شبكة علاقات: تساعد الأنشطة التطوعية المستشار القانوني على التعرف على أشخاص جدد من مختلف المجالات مما يوسع من شبكة علاقاته، فقد يلتقي بمهنيين قانونيين أخرين من المحامين والقضاة وغيرهم، بالإضافة إلى السياسيين وقادة المجتمع وغيرهم من الشخصيات العامة. كما قد يؤدي بناء العلاقات من خلال العمل التطوعي إلى فرص تعاون جديدة مع بعض المؤسسات وكذلك التعرف على عملاء جدد مما يقود إلى المزيد من النمو المهني.

·  تنمية المهارات الشخصية: فالمشاركة في الأنشطة التطوعية يؤدي إلى تنمية المهارات الشخصية بشكل عام وخاصةً لدى المستشار القانوني. فقد يتاح له من خلال الأنشطة التطوعية فرصة المشاركة في مشروع يتطلب البحث أو الكتابة أو التحدث أمام الجمهور. مما يصب في اتجاه تنمية المهارات الشخصية ومهارات التواصل لدى المستشار القانوني.

خاتمة:

لكي تصبح مستشاراً قانونياً ناجحاً، لا يكفي مجرد الحصول على شهادة في القانون، بل لابد من اكتساب الخبرة العملية في المجال القانوني، والعمل على تطوير المهارات الشخصية ومهارات التواصل، وحل المشكلات، والبحث، والكتابة، والاتجاه إلى الاستعانة بالوسائل التكنولوجية المتاحة ضمن المجال القانوني. بالإضافة إلى ذلك، قراءة الدوريات والمدونات القانونية، وحضور الندوات وورش العمل والدورات التدريبية، والمشاركة في الأنشطة التطوعية وغير الربحية. باتباع هذه الخطوات وغيرها، يمكن للمستشار القانوني تطوير مهاراته مما ينعكس بالإيجاب على حياته المهنية.