ما هو التحكيم

التحكيم هو عملية يتفق فيها طرفان أو أكثر على حل نزاعهما من قبل محكم، وليس من قبل المحاكم والقضاء. والتحكيم هو عملية خاصة، مما يعني أنه لا يخضع لنفس القواعد والإجراءات التي يخضع لها التقاضي أمام المحاكم. وهو ما يجعل التحكيم وسيلة أكثر كفاءة وفعالية لحل النزاعات. وذلك لعدة أسباب أهمها، أن التحكيم يعد خياراً أبسط وأسرع وأكثر سلاماً وأقل تكلفة من التقاضي. وهو ما يفيد كثيراً خاصةً في عالم التجارة والشركات، حيثما يكون الوقت كالمال “Time is Money”  وهي مقولة مشهورة بين رجال الأعمال. ومع ذلك، فإن العملية لا تخضع لنفس قواعد الإثبات والاستدلال مثل القواعد التي يستند إليها أمام القضاء. مما يثير تساؤلات حول مدى الإنصاف والشفافية

وفي هذه المقال نستعرض الشروط الواجب توافرها في المحكم وفقاً للقوانين المصري، والسعودي، والقطري، والإماراتي. إلى جانب أهم المهارات الواجب توافرها في المحكم.

شروط اختيار المحكم وفقا للقانون المصري

نصت المادة (15) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية المصري رقم 27 لسنة 1994 وتعديلاته الصادرة في 6 يناير عام 2001 على أنه يجب أن يكون عدد المحكمين وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً، ونصت المادة (16) من ذات القانون على أنه يجب ألا يكون المحكم قاصراً أو محجوراً عليه أو محروماً من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه فى جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر افلاسه ما لم يُرد اليه اعتباره.

كما نصت ذات المادة في الفقرة الثانية منها على أنه لا يشترط أن يكون المحكم من جنس أو جنسية معينة إلا إذا اتفق طرفا التحكيم أو نص القانون على غير ذلك.

شروط اختيار المحكم وفقاً للنظام السعودي.

أما بالنسبة للنظام السعودي فإنه ينص نظام التحكيم الصادر وفقاً للمرسوم الملكي رقم م / 34 بتاريخ 24 / 5 / 1433 والذي ينص في المادة (14) من الباب الثالث منه على أن المحكم لابد أن تتوافر فيه الشروط التالية

  •  أن يكون كامل الأهلية.
  •  أن يكون حسن السيرة والسلوك.
  • أن يكون حاصلاً على الأقل على شهادة جامعية في العلوم الشرعية والنظامية، وإذا كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر من محكم فيكتفى بتوافر هذا الشرط في رئيسها.

شروط اختيار المحكم وفقاً للقانون القطري

ينص قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية القطري رقم (2) لسنة 2017 في المادة (11) من الفصل الثالث منه على أنه " 1- يكون تعيين المحكم من بين المحكمين المعتمدين والمقيدين بسجل قيد المحكمين بالوزارة، كما يجوز تعيين أي شخص محكماً إذا توافرت فيه الشروط الآتية:

أ- أن يكون كامل الأهلية.

ب- ألا يكون قد أدين بحكم نهائي في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، ولو كان قد رد إليه اعتباره.

ج- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.

2- لا يشترط أن يكون المحكم من جنسية معينة، ما لم يتفق الأطراف أو ينص القانون على غير ذلك.[

شروط اختيار المحكم وفقاً للقانون الإماراتي.

ينص القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2018 الخاص بالتحكيم في المادة (10) من الفصل الثالث منه على أنه "

  • يشترط في المحكم بالإضافة إلى الشروط التي يتفق عليها الأطراف، أن يكون شخصاً طبيعياً غير قاصر أو محجور عليه أو محروم من حقوقه المدنية بسبب إشهار إفلاسه ما لم يرد إليه اعتباره، أو بسبب الحكم عليه في جناية أو في جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة ولو رُد إليه اعتباره.
  • يشترط في المحكم ألا يكون عضواً في مجلس الأمناء أو الجهاز الإداراي لمؤسسة التحكيم المختصة بتنظيم الدعوى التحكيمية في الدولة.
  • لا يشترط أن يكون المحكم من جنس محدد أو من جنسية معينة إلا إذا اتفق الأطراف أو نص القانون على خلاف ذلك.
  • على من يبلغ بترشيحه لتولي مهمة التحكيم أن يصرح كتابةً بكل ما من شأنه أن يثير شكوكاً حول حيادته أو استقلاله، وعليه منذ تعيينه وخلال إجراءات التحكيم أن يبادر دون أي تأخير بإخطار الأطراف وسائرالمحكمين في حال نشوء أي ظرف قد يثير الشك حول حيادته أو استقلاله، وذلك ما لم يكن قد سبق له إحاطتهم علماً بذلك الظرف"

أهم المهارات الواجب توافرها في المحكم

المحكم هو طرف ثالث محايد يتم تعيينه للمساعدة في حل النزاعات بعيداً عن النظام القضائي. ومن أجل أن يكون محكماً فعالاً، يجب أن يمتلك مجموعة من المهارات التي تمكنه من تقييم الأدلة بنزاهة، والاستماع إلى الحجج التي يقدمها الأطراف، واتخاذ قرارات عادلة ومستنيرة. وتشمل هذه المهارات المعرفة القانونية والمهارات التحليلية ومهارات التواصل والقدرة على إدارة المواقف المعقدة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون المحكم قادراً على البقاء محايداً، وأن يكون لديه فهم عميق لمبادئ التحكيم والقوانين واللوائح التي تحكم النزاع الذي يتم الفصل فيه.

ومن أهم المهارات التي يجب توافرها في المحكم:

·  مهارات التواصل: فالمحكم الجيد هو الذي يتمتع بالصبر والتفاهم والمرونة والاستماع الفعال. ففي جلسة الاستماع للمسألة، يجب على المحكم منح جميع الأطراف فرص متساوية لتقديم حججهم وشرح دعواهم

·  الفهم الكامل لإجراءات التحكيم: لكي يكون المحكم فعالاً، يجب أن يتوافر لديه فهم شامل للهيكل الرسمي لجلسة التحكيم. وذلك لتجنب إطالة النزاع دون داعٍ وتجنب خلق نفقات إضافية على الأطراف المعنية. وذلك مع مراعاة الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالتحكيم.

·  مهارات الكتابة القانونية: يجب أن يتمتع المحكم بمهارات كتابة مثالية، ذلك لأن من واجبه جعل قرار التحكيم مفهوماً وقابلاً للتنفيذ على النزاع. يجب أن تكون المستندات المرسلة إلى الأطراف المتنازعة في شكل مكتوب سواءً كانت اتفاقية أو ملفات أو حتى رسائل بريد إلكتروني أو قرارات صدرت خلال إجراءات التحكيم، لذا يجب أن تتم كتابتها بطريقة واضحة ومتسقة ولا لبس فيها.

·  التخطيط والإدارة: يجب أن تتوافر في المحكم مهارات التخطيط والإدارة بشكلٍ فعال، فالتحكيم هو مشروع مدته تتراوح في الغالب بين 12 إلى 24 شهراً. لذا يجب على المحكم أن يحسن إدارة عملية التحكيم بحيث يتم  إنهاء النزاع خلال أقل مدة وبأقل تكلفة. والتي تعد الميزة الأساسية التي تميز التحكيم عن القضاء كوسيلة قانونية لفض المنازعات.

خاتمة:

التحكيم هو عملية قانونية يتفق من خلالها الأطراف في نزاع ما على اللجوء إلى هيئة من المحكمين للفصل فيه بدلاً من اللجوء إلى القضاء. والتحكيم عملية خاصة، وهو ما يعني أنه لا يخضع إلى نفس القواعد التي تنظم عملية التقاضي أمام القضاء، بل يخضع لقوانين خاصة تنظمه وتحكم إجراءاته.

وللتحكيم مميزات عديدة، تتمثل في سرعة إنهاء النزاع وقلة التكلفة مقارنة بعملية التقاضي العادية وكذلك الخصوصية والمرونة.

وبناءً على ما تقدم، نلاحظ وجود توافق بين النصوص القانونية – بشكل عام - حول شروط الواجب توافرها في المحكم الخاصة بالتمتع بالأهلية المدنية والاستقلال والحيدة، إلا أن هناك بعض الاختلافات نذكر منها، تفرد القانون السعودي بشرط أن يكون المحكم حاصلاً على شهادة جامعية في العلوم الشرعية والنظامية، كما تفرد القانون الإماراتي بالشرط الذي ينص على ألا يكون المحكم عضواً في مجلس الأمناء أو الجهاز الإداراي لمؤسسة التحكيم المختصة بتنظيم الدعوى التحكيمية في الدولة. بينما  اختلف كلاً من القانون القطري والقانون الإماراتي عن القوانين الأخرى في النص على عدم جواز تعيين محكم قد سبقت إدانته بحكم نهائي في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، ولو كان قد رُد إليه اعتباره. وقد فرق القانون الإماراتي بين حالة شهر الإفلاس وحالة صدورحكم بإدانة المحكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف والأمانة، حيث نص على جواز تعيين المحكم في الحالة الأولى وذلك إذا رُد إليه اعتباره، وعدم جواز تعييينه في الحالة الأخيرة حتى ولو رُد إليه اعتباره.

وقد تطرقنا كذلك إلى بعض المهارات الواجب توافرها في المحكم كي يكون محكماً فعالاً. فلابد أن يتمتع المحكم بمهارات تواصل جيدة حتى يتمكن من سماع ادعاءات جميع الأطراف والتفاعل معها بشكلٍ جيد. وأن يتمتع بالفهم الكامل لقوانين وإجراءات التحكيم حتى يتجنب إطالة أمد النزاع والتي تعد سمة أساسية ومميزة للتحكيم كوسيلة لفض المنازعات. وكذلك يجب أن يتمتع المحكم بمهارات الكتابة القانونية إلى جانب القدرة على التخطيط والإدارة لما في ذلك من بالغ الأثر في حسن سير عملية التحكيم وتحقيق الأهداف المرجوة منها.

شهادة المحكم المحترف

إنضم إلينا في شهادة إعداد وتأهيل المحكم المحترف 80 ساعة ⏰، واكتسب المهارات التالية:

  • مهارات صياغة اتفاق التحكيم.
  • مهارات إدارة جلسات التحكيم.
  • مهارات صياغة حكم التحكيم.
  • الإدارة الفاعلة للدفاع لقضايا التحكيم.