التحكيم والمنافسة: هل يمكن أن يشكل خرق قانون المنافسة في الاتحاد الأوروبي أساسًا لإلغاء الحكم؟
أجابت استئناف باريس على ذلك في حكمها الصادر في 23 يناير 2024
ويدور النزاع حول توقيع شركة CA International (CAI) اتفاقية إطارية مع شركة ألمانية، وهي GBO، تنص على التوزيع الحصري في ألمانيا والنمسا وسويسرا لأحذية الأطفال المرعية بعلامات تجارية شهيرة، مثل ديزني.
وبعد فترة قصيرة من بدء شركةGBO ببيع الأحذية، نشأت خلافات بين الطرفين، فقررت GBO وقف المدفوعات. وبعد فترة من المفاوضات، انسحبت GBO من الاتفاقية، مدعيةً في ذلك وقوع عدة مخالفات من جانب CAI. فلجأـت CAI للتحكيم، وصدر حكم التحكيم بعدم مشروعية انسحاب GBO من الاتفاقية وبحق CAI في التعويض.
فطلبت GBO إبطال حكم التحكيم أمام محكمة استئناف باريس عام 2022؛ بحجة أن الحكم جاء مخالفًا للنظام العام، وذلك على أساس أن الاتفاقية تخلق احتكاراً يؤثر على سوق أحذية الأطفال في الدول الأوروبية الناطقة بالألمانية. ووفقاً لادعاءات GBO، فإن الاتفاقية تخلق سلوكاً احتكارياً شبيهاً لشركة CAI، وذلك بخلاف المادة 101 من اتفاقية الاتحاد الأوروبي، وبناءً عليه فإن تنفيذ الحكم التحكيمي سيشكل انتهاكاً "جسيماً وفعلياً وملموساً" للنظام العام.
فبدأت المحكمة تحليلها بأنه لكي تثبت GBO صحة ادعاءتها، كان عليها إثبات السلوك الاحتكاري الذي تخلقه الاتفاقية بموجب المادة 101 من اتفاقية الاتحاد الأوروبي.
وبناءً على أن GBO لم تفعل سوى ادعاء أن أحكام الاتفاقية تشوه المنافسة دون تقديم ما يثبت ذلك من جانبها، فقد شرعت المحكمة في تحليل أحكام الاتفاقية. وبناءً عليه قررت المحكمة أن الغرض الوحيد من الاتفاقية هو "منح شركة GBO الحق الحصري في الحصول على المنتجات واستخدامها وتوزيعها" في منطقة محددة مسبقاً، إلا أنها سمحت لـ GBO بتحديد سعر البيع النهائي بحرية، دون حدٍ أقصى أو سعر موصى به من قِبل CAI.
كما لاحظت المحكمة أن الاتفاقية لم تفرض أي قيود على كيفية اختيارGBO لعملائها المحتملين، كما لم تجد أي دليل على وجود أي بند فيها يضر بالمنافسة، وبالتالي رأت أن الحكم التحكيمي لا يخالف النظام العام الدولي. وبناءً عليه، تم رفض طلب GBO.
ونخلص مما سبق إلى أنه بعد قرار محكمة العدل الأوروبية (CJEU) الهام في قضية T-Mobile Netherlands، باتت سياسة المنافسة لدى الاتحاد الأوروبي جزءًا من النظام العام على المستوى الوطني للدول الأعضاء، وبالتالي يجوز أن تشكل أساسًا للإبطال. ومع ذلك، وكما يوضح الحكم المذكور، يجب إثبات ادعاءات مخالفة قانون المنافسة بأدلة قوية، كما تقوم المحاكم الفرنسية بتحليل العقد بالتفصيل لتحديد ما إذا كان يخلق بالفعل سلوكاً يضر بالمنافسة.
لتحميل نص الحكم
نقلاً عن: إيوانا نول تيودور (Ioana Knoll-Tudor) محامية تحكيم دولي، وشريك بشركة أدليشو جودارد (Addleshaw Goddard)، والسكرتير العام لمؤسسة (Paris Arbitration Week(PAW))، ونائب رئيس نادي التحكيم الاسباني برومانيا (Club Espanol de Arbitraje (CEA) Romania)