الاجتهاد القضائي القطري في التحكيم التجاري الدولي
2023/01/05

حكم تحكيمي – إقامة دعوى البطلان بعد فوات الميعاد القانوني – اثبات شرط التحكيم من خلال المراسلات بالبريد الالكتروني.

لما كان من المقرر بنص المادة (33/4) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2017، أن "ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم أمام المحكمة المختصة خلال شهر من تاريخ تسليم الأطراف نسخة الحكم أو من تاريخ إعلان طالب الإبطال بحكم التحكيم، أو صدور قرار التصحيح أو حكم التفسير أو التحكيم الإضافي المنصوص في المادة (32) من هذا القانون، وذلك ما لم يتفق الأطراف كتابة على تمديد ميعاد رفع دعوى البطلان".

نلاحظ من ذلك أن المشرع لم يضع بيان لإجراءات الإعلان بالحكم التحكيمي، بالرغم من أهمية ذلك في تحديد مواعيد الطعن بالبطلان على أحكام التحكيم، في حال عدم اتفاق الأطراف على آلية اجراء اعلان الحكم التحكيمي أو عدم النص عليه في قواعد مركز التحكيم الذي أصدر الحكم.

وعليه تقرر المحكمة فتح مواعيد الطعن على حكم التحكيم نظرا لخلو قواعد مركز التحكيم المصدر لذلك الحكم من بيان إجراءات الإعلان بصدور الحكم، وكذلك لم يحدده المشرع القطري في المادة 4 من قانون التحكيم سالف الذكر.

الأصل في الإعلانات صدورها من الجهة المختصة بالفصل في النزاع، ومن المستقر عليه قضاءا أنه لا يغني عن الإعلان علم المحكوم عليه بقيام الخصومة في الدعوى، ذلك أنه متى رسم القانون شكلا خاصا بالإجراءات كان هذا الشكل هو الدليل القانوني على حصول هذا الاجراء حتى يعلم المحكوم عليه بكل أجزاء الحكم علما كاملا، ولا يغني عن ذلك ثبوت علمه بأي طريقة أخرى ولو كانت قاطعة.

(محكمة الاستئناف – الدائرة المدنية والتجارية الثالثة – الطعن رقم  لسنة 2022 الحكم الصادر بتاريخ 26/12/2022).

الوقائع

تتحصل وقائع الطعن في أنه بتاريخ 19/11/2020 أقام المطعون ضده (المحتكم) الدعوى التحكيمية ضد الطاعن (المحتكم ضده) للمطالبة بمبلغ (500.000) ريال على سبيل التعويض أثر خلاف نشأ بسبب إخلال المتحكم ضدها بالتزاماتها التعاقدية، وتداولت الدعوى بالجلسات حتى صدر الحكم بتاريخ 10/3/2022، والقاضي بإلزام المحتكم ضده ب:

1-   سداد مبلغ وقدره (1.533.096.07) ريال، وإلزامه بتغطية أمري الشراء محل النزاع.

2-   سداد مبلغ وقدره (200.000) ريال على سبيل التعويض.

3-   سداد مبلغ وقدره (570.550) ريال مصاريف التحكيم.

وبتاريخ 17/7/2022 أقام الطاعن (المحتكم ضده) دعوى ببطلان الحكم التحكيمي رقم (20362 (DL الصادر من مركز التحكيم المشترك لمركز دبي المالي العالمي، ومحكمة لندن للتحكيم طلب فيها قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء حكم التحكيم والقضاء ببطلانه واعتباره كأن لم يكن.

وتتلخص أسباب الطعن بما يأتي:

1-   عدم اعلان الطاعن بتعيين أحد المحكمين لنظر النزاع.

2-   بطلان حكم التحكيم لعد صحة الاتفاق أو وجوده أساسا: وفي ذلك جحد الطاعن التحكيم وجحد أي مستند منسوب إليه لعدم إحاطته بالمستندات الوارد بها البند المزعوم.

3-   مبالغة الحكم المطعون فيه بالمبالغ المحكوم بها، إذ أن العلاقة بين الطرفين متعلقة بتوريد وتركيب أبواب ونوافذ زجاجية بمبلغ لا يتجاوز (400.000) ريال إلا أن الحكم المطعون فيه الزمه بما يجاوز ذلك المبلغ وهو يعبر عن مبالغته ومغالاة المطعون ضدها في طلباتها.

وبتاريخ 12/9/2022 قدم وكيل المطعون ضده مذكرة طلب فيها 1- أصليا/ عدم قبول الدعوى شكلا لفوت الميعاد، 2- احتياطيا/ رفض الدعوى، 3- إلزام الطاعن المصروفات والأتعاب.


الأسانيد والحكم

في شأن دفع المطعون ضده (المحتكم) بشأن عدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وعن شكل الدعوى.

 فإن ما قدمته المطعون ضدها من إعلانات صادرة إلى الطاعن لا تنتج أثرها بمواجهته، ولا يبدأ بها سريان ميعاد الطعن المقرر في المادة (33/4) المشار إليها سلفا، الأمر الذي يكون به ميعاد الطعن بالنسبة للطاعن مفتوحا، فتقضي المحكمة بقبول الدعوى شكلا لإقامتها في الميعاد القانوني، وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق.

أما بشأن دفع الطاعن ببطلان حكم التحكيم لعد صحة الاتفاق أو وجوده أساسا مقررا بأنه يجحد التحكيم وأي مستند منسوب إليه لعدم إحاطته بالمستندات الواردة في الحكم المطعون فيه وكذلك البند المزعوم لعدم وجود اتفاق تحكيم.

 فإن الثابت للمحكمة من الاطلاع على الصور المنسوخة للمحادثات البريدية بين ممثل الطاعن والمطعون ضده أنهما تعاقدا على أن يورد الأول للأخيرة بعض المواد كالزجاج ثم تبين تلف بعض البضائع وعدم موافقتها للشروط، وتعهد الطاعن بإعادة توريد البضائع، كما أقر وكيلي الطرفين بجلسات المحاكمة بوجود العلاقة التعاقدية.

كما أن الثابت أن البند 15 من فواتير الشراء مفاده إحالة النزاعات الناشئة بين الطرفين من أي جانب لتسويته نهائيا عن طريق التحكيم بموجب قواعد تحكيم مركز دبي المالي العالمي – محكمة لندن للتحكيم الدولي عن طريق محكم تعينه (ملتيبلكس)، ويكون مقر التحكيم هو محكمة قطر الدولية ومركز حل النزاعات في مركز قطر للمال، ويكون القانون الحاكم للعقد هو نفس القانون الذي يحكم العقد الرئيسي، أو قانون مكان تسليم البضائع إذا لم يوجد عقد رئيسي.

مما يثبت معه أن شرط التحكيم ورد مكتوبا في أمري الشراء محل النزاع، واتصل علم الطاعن بهما من خلال المرسلات الالكترونية بينهما، وعليه فإنه يكون قد ثبت للمحكمة على سبيل القطع واليقين اتصال علم الطاعن بشرط التحكيم، فترفض المحكمة هذا الطعن على نحو ما سيرد في المنطوق.

وبشأن دفع الطاعن بعدم تمام إعلانه بإجراءات التحكيم

فإن الثابت للمحكمة من الاطلاع على الصورة الضوئية من الحكم التحكيمي وترجمته المعتمدة أنه أثبت اعلان الطاعن (المحتكم ضده) بالإجراءات في البند (تاريخ الإجراءات)، وكان البين كذلك أن عنوان الطاعن المثبت في الحكم هو المنطقة الصناعية وصندوق البريد رقم ... والهاتف رقم ...، وعليه فإن ما ورد بالحكم المطعون فيه من تمام إعلان الطاعن بالإجراءات قرينة معززة على الأصل – أن الإجراءات قد روعيت – وإذ لم يثبت للمحكمة خلاف ذلك، بل قدم مدير الطاعن الحاضر بجلسة 17/10/2022 شهادة العنوان الوطني الثابت فيها توافق ما ذكرته المحكمة من عنوان مبين بالحكم المطعون فيه.

وإذ أن القواعد التي اتفق عليها الطرفان اعتبرت الإعلان على صندوق البريد منتجا لأثره، الأمر الذي يكون معه إعلان الطاعن بالدعوى التحكيمية قد تم صحيحا منتجا لأثره، وهو ما تقضي المحكمة برفض هذا الطعن على نحو ما سيرد في المنطوق.

أما بشأن دفع الطاعن بمغالاة الحكم المطعون فيه بالمبالغ المحكوم بها

فان ذلك لا يندرج تحت أي من حالات الطعن بالبطلان التي نصت عليها المادة (33) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، كما لا يجديه ذلك بعد أن قبل التحكيم وفقا لقواعد مركز دبي المالي العالمي، ومحكمة لندن للتحكيم التي نصت في المادة (26/8) على تنازل أطراف التحكيم عن طعن الحكم بعد صدوره، فلا تقبل مناعي الطاعن على سلطة هيئة التحكيم في حساب أصل الدين أو تقدير تعويض الخسائر، الأمر الذي ترفض معه المحكمة هذا الدفاع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المطعون فيه، وألزمت الطاعن بالمصاريف.

صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة 26/12/2022

رجسا الدوسري                                                          القاضي/ خالد سعد الحمر

أمين سر الجلسة                                                         رئيس الدائرة


تحرير محمد مصطفي البندارى – باحث قانوني بالأكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم.

شهادة المحكم المحترف

إنضم إلينا في شهادة إعداد وتأهيل المحكم المحترف 80 ساعة ⏰، واكتسب المهارات التالية:

  • مهارات صياغة اتفاق التحكيم.
  • مهارات إدارة جلسات التحكيم.
  • مهارات صياغة حكم التحكيم.
  • الإدارة الفاعلة للدفاع لقضايا التحكيم.