فرنسا تعتمد نهجًا مرنًا لضمان احترام إرادة الأطراف في التحكيم 2024
2024/04/27

التحكيم ورضاء الأطراف: هل يمكن إثبات اتفاق الأطراف على التحكيم خارج شروط العقد الفعلي؟ أجابت محكمة استئناف باريس على هذا السؤال المهم في حكمها الصادر بتاريخ ٢٦ مارس ٢٠٢٤.

تتعلق الدعوى بشركتين سبق لهما الدخول في (17) عقد نموذجي لبيع الحبوب والخضروات، تحتوي جميعها على شرط تحكيم لصالح غرفة التحكيم الدولية بباريس (CAIP). وفي عام 2017، تبادلا المزيد من المعلومات حول احتمال بيع العدس الأخضر لكنهما اختلفا بشأن نطاق المفاوضات، حيث أصر البائع على أنه تم التوصل إلى اتفاق في حين اعتقد المشتري أنه ما ذلك سوى مفاوضات بسيطة.

وبعد أن أصدرت غرفة التحكيم الدولية بباريس (CAIP) حكماً لصالح البائع، أبطلت محكمة استئناف باريس الحكم لعدم الاختصاص، معللة ذلك بأن اتفاق التحكيم لا يمكن أن يستند إلى ممارسة تعاقدية سابقة. وقد سبق أن أبطلت محكمة النقض هذا الحكم، مؤكدةً على وجوب بحث اتفاق الطرفين على التحكيم بشكل مستقل عن العقد.

وتمت إحالة الدعوى إلى محكمة استئناف باريس، حيث أكد المشتري على ضرورة التمييز بين الحالة التعاقدية السابقة - التي تضمنت عقودًا مكتوبة - والحالة الحالية - حيث تم إجراء المفاوضات عبر البريد الإلكتروني ولم تتبلور أبدًا إلى عقد.

وقد لاحظت المحكمة أنه تمت الإشارة خلال المراسلات بين الطرفين إلى "عقد نموذجي" لبيع العدس، والذي يحيل بوضوح إلى شرط التحكيم في عقودهما السابقة. وأشارت المحكمة أيضًا إلى أن المشتري لم يفكر في الخروج عن هذه الشروط وكان على علم بمعنى ومدى العقد النموذجي. وبناءً عليه، قررت المحكمة موافقة المشتري على التحكيم وأكدت اختصاص هيئة التحكيم.

نخلص مما سبق إلى تأكيد الحكم على أن القانون الفرنسي، عند التحقق من صحة اتفاقيات التحكيم، يتخذ إجراءات أكثر صرامة من معظم الأنظمة القانونية الأخرى، حيث يركز على التأكد من رضاء الطرفين.

في فرنسا، لا يشترط كتابة بنود التحكيم. وكما هو موضح في قضية سيدرميتال (Sidermetal Case)، فإن محكمة الاستئناف تسعى بدلاً من ذلك إلى استجلاء رضا الطرفين على نطاق أوسع. وعليه، فقد استقر قضاء فرنسا منذ فترة طويلة على أن سلوك أحد الطرفين، أو حتى صمته، قد يُفيد رضاءه، إذا كان يوافق بشكل لا لبس فيه على التحكيم.

ووفقاً للقانون الفرنسي، تعتبر المحاكم الفرنسية أيضاً إحالة النزاع إلى التحكيم بناءً على الإشارة إلى عقود نموذجية إحالة صحيحة ونافذة. وقد أكد حكم محوري لمحكمة النقض في عام 1993 على ذلك، بشرط أن يكون الطرفان على علم بمعنى الإحالة ومدى شمولها. ويعزز الحكم في قضية  Prodexport هذا المنظور بشكل أكبر، إذ يلغي شرط كتابة الإحالة.

ويُوضح حكم المحكمة الالتزام الفرنسي الراسخ بحماية رضاء الأطراف، ويعكس مساعيهم المتواصلة نحو التحرر، وذلك بوضع كفاءة عملية التحكيم في المقدمة.

نقلاً عن:  إيوانا نول تيودور  (Ioana Knoll-Tudor)

محامية تحكيم دولي، وشريك بشركة أدليشو جودارد (Addleshaw Goddard)، والسكرتير العام لمؤسسة (Paris Arbitration Week(PAW))، ونائب رئيس نادي التحكيم الاسباني برومانيا (Club Espanol de Arbitraje (CEA) Romania)

لتحميل نص الحكم