التحكيم وحقوق الإنسان: استئناف باريس تُجيز التحكيم عن بُعد 2024
2024/04/20

التحكيم وحق المحاكمة: هل يجوز للطرف طلب المرافعة وحضور جلسة الإبطال عن بعد بسبب عدم قدرته على المشاركة شخصيًا؟ تناولت محكمة استئناف باريس هذه المسألة في حكمها الصادر بتاريخ 4 أبريل 2024.

وفقًا للبيان، نشأ نزاع قانوني يتعلق بالسيدة لازاريفا (Ms. Lazareva)، وهي سيدة أعمال روسية عاشت وعملت في دولة الكويت حيث قامت بتأسيس شركة  (KGLI) والتي قامت لاحقًا بإنشاء عقار استثماري بمشاركة كيانات حكومية كويتية. إلا أنه في نوفمبر 2017، اتُهمت السيدة لازاريفا بجمع معلومات استخباراتية والاختلاس، مما أدى إلى القبض عليها من قبل السلطات الكويتية. ثم أُطلق سراحها مؤقتًا بكفالة، ولكنها قُبض عليها مرة أخرى. فلجأت السيدة لازاريفا إلى السفارة الروسية في الكويت، حيث تقيم منذ ذلك الحين. وفي الوقت نفسه، تم تجميد ما يقارب من 500 مليون دولار من الأموال المرتبطة بالعقار الاستثماري.

فلجأت السيدة لازاريفا إلى التحكيم باليونيسترال بموجب معاهدة الاستثمار الثنائية للعام 1994 بين روسيا والكويت، زاعمةً أنها قد نُزعت ملكيتها. ووجدت هيئة التحكيم التي عقدت جلساتها في باريس أن شركة (KGLI) لا تندرج تحت تعريف الاستثمار المحمي بموجب معاهدة الاستثمار الثنائية سالفة الذكر وحكمت بعدم اختصاصها.

إلا أن السيدة لازاريفا سعت لإلغاء القرار، وفي وقتٍ لاحق خلال الإجراءات، طلبت أن يتم الاستماع إلى دفاعها وأن تكون قادرة على متابعة الجلسة عن بعد. عارضت الكويت هذا الطلب، معتبرة أن مناقشتها غير ضرورية وأن الطلب يعتبر استغلالاً لإجراءات المحاكمة.

وقد أقر قاضي ما قبل المحاكمة في البداية بأن كلا طرفي النزاع قد اتفقا على تطبيق بروتوكول غرفة التجارة الدولية الخاص بمحكمة استئناف باريس (ICCP-CA)، وأن الدليل العملي للبروتوكول يخوله سلطة تقييم مدى ملاءمة الإجراء. ثم نظر في سبب طلب السيدة لازاريفا، والذي كان يهدف إلى إثبات أن حبسها قد حد من قدرتها على الوصول إلى الأدلة والتعاقد مع ممثل قانوني عنها، مما أثر على إجراءات التحكيم وانتهك حقها في محاكمة عادلة.

وعلى الرغم من ادعاء الكويت بعدم قبول هذه الحجة، إذ لم تٌقدم أمام هيئة التحكيم، فقد اتخذ القاضي موقفًا مختلفاً استناداً إلى المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان - التي تكفل حق أطراف النزاع في أن إبداع دفاعهم - قرر القاضي قبول طلب السيدة لازاريفا بالمشاركة عن بعد، وحدد الشروط المحددة لهذه الترتيبات.

نخلص مما سبق إلى أنه رغم كثرة اللجوء إلى إجراء جلسات التحكيم عن بعد لم تظهر إلا بعد جائحة COVID-19، فقد تم ضمان الحق في المشاركة عن بعد في جلسة مدنية لفترة طويلة في ظروف معينة (على سبيل المثال ، للسجين) بموجب أحكام قضايا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (مثل مارشيلو فيولا ضد إيطاليا ، أو يفدوكيموف وآخرون ضد روسيا).

ويؤكد هذا الحكم على تداخل حقوق الإنسان مع إجراءات التحكيم أمام المحاكم الوطنية، حيث كان الحق في إبداء الدفاع، كما هو منصوص عليه في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، بمثابة حجة محورية في هذه القضية. كما أنه يوضح المرونة الإجرائية والفعالية المتزايدة لبروتوكول (ICCP-CA).

نقلاً عن:  إيوانا نول تيودور  (Ioana Knoll-Tudor)

محامية تحكيم دولي، وشريك بشركة أدليشو جودارد (Addleshaw Goddard)، والسكرتير العام لمؤسسة (Paris Arbitration Week(PAW))، ونائب رئيس نادي التحكيم الاسباني برومانيا (Club Espanol de Arbitraje (CEA) Romania)

لتحميل نص الحكم

شهادة المحكم المحترف

انضم للمشاركين في شهادة المحكم المحترف، 80 ساعة تدريب تفاعلي عن بعد