مع بدء قطاع البناء والتشييد بالتعافي من أثار جائحة (COVID-19)، شهد القطاع انتعاشاً ملحوظاً وعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة. إلا أنه يواجه حالياً مجموعة جديدة من التحديات مثل نقص السلع الأساسية والضغوط التضخمية، مما يؤدي إلى زيادة عدد المنازعات. ورغم تفرد كل نزاع في مجال البناء والتشييد استناداً إلى الظروف المحلية، إلا أنه توجد بعض الاتجاهات العالمية الشائعة نستعرضها فيما يلي.
1. التعافي من جائحة (COVID-19)
فرغم أن حزم الإغاثة الحكومية المؤقتة للشركات المتضررة من جائحة (COVID-19) قد شارفت على الانتهاء، إلا أنه لا يزال الاضطراب الناجم عن الجائحة محسوسًا. ومن المتوقع استمرار زيادة المنازعات مع تزايد تأثيرات التأخير.
وبالإضافة إلى الآثار المستمرة للجائحة، فإن الاضطرابات الاقتصادية والآثار الجيوسياسية الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا قد فرضت ضغوطًا كبيرة على سلاسل التوريد العالمية، وجعلت العديد من الاقتصادات الكبرى على شفا الركود. ورغم ذلك يظل الاستثمار في قطاع التشييد والبناء مرتفعًا، وذلك على سبيل المثال من خلال الدعم المالي المُقدم من برامج عدة كالدعم التاريخي المقدم من قانون البنية التحتية والتوظيف الأمريكي. كما أنه من المتوقع أن يؤدي استمرار الاستثمار في هذا القطاع، إلى جانب التحديات الاقتصادية، إلى زيادة في منازعات البناء العالمية، والتي من المرجح أن تظل معقدة وعالية القيمة.
2. التضخم
يؤدي ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار مواد البناء والعمالة والطاقة إلى التأخير في مشاريع البناء. واستكمالًا للتحديات التي واجهت القطاع خلال جائحة (COVID-19)، فإن ارتفاع التكاليف وتضييق الائتمان يتسببان في التحديات المتعلقة بسلسلة التوريد، مما يخلق بدوره ظروفًا صعبة للمقاولين. ويمثل الوضع تحديًا خاصًا للمقاولين المشاركين في مشاريع طويلة الأجل بأسعار ثابتة أو متغيرة، أو آليات التحكم في الأسعار التي لم يتم تصميمها لتحمل مستويات التضخم الفعلية.
وقد يسعى المُلاك والمقاولون الذين يتفاوضون بشأن العقود في البيئة الحالية إلى تقاسم عبء التضخم وارتفاع الأسعار من خلال التفاوض على آليات تسعير مرتبطة بالتضخم أو مبنية على مؤشراته. ومع ذلك، في حالة المشاركين في المشاريع القائمة، من المرجح أن نشهد زيادة في المنازعات المتعلقة بقيمة التغيير وتكلفة التأخير وتفسير بنود رفع الأسعار. وكما هو الحال دائمًا، ستظل البنود المصاغة بشكل سيئ أو الغير واضحة والإدارة غير الكفء للمشاريع مصدراً شائعًا للنزاعات.
وفي حين يدرك بعض المشاركين في المشروع الحاجة إلى التسوية، فإن التحكيم الدولي سيظل الوسيلة المفضلة لحل النزاعات التي لا يتم حلها بشكل ودي.
3. تقليل الانبعاثات والممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG)
يُعد قطاع البناء والتشييد مسؤولاً عن (37%) من انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة. وبالتالي، فإن صناعة البناء تحتل موقع الصدارة في دفع عجلة الاستدامة وتحقيق أهداف تغير المناخ، إلى جانب التركيز المتزايد – نتيجة لجائحة (COVID-19)- على الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات .(ESG) ومن المتوقع أن تستمر النزاعات في الظهور في مجالات الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، وهو ما يتطلب خبرة فنية متزايدة. كما نتوقع أن تصبح الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) مصدراً للنزاعات المتزايدة، حيث يتعرض المشاركون في المشاريع لضغوط متزايدة لتحقيق الأهداف المتعلقة بتقليل الانبعاثات ومعايير الكفاءة البيئية، بالإضافة إلى التعامل مع ضغط الأسعار في السوق. ويمكن أن تكون المساءلة عن عملية إزالة الكربون العملية والمسائل المتعلقة بمعايير الكشف عن أداء الطاقة من المصادر المحتملة للنزاعات.
4. التكنولوجيا في قطاع التشييد والبناء
لطالما عُرف قطاع التشييد والبناء بمستوياته المتدنية فيما يتعلق بالأتمتة أو التشغيل الآلي، إلا أنه يتجه بثبات نحو اعتماد الحلول الرقمية والتقنيات الجديدة، وقد تسارعت هذه العملية نتيجة لجائحة (COVID-19). وأصبح تطبيق هذه التقنيات الجديدة واسع النطاق، وتشمل بعض الأمثلة البارزة:
- الأنظمة الآلية وتقنيات التتبع (Automated Systems and Tracking Technologies) المصممة لإنهاء المشروع بشكلٍ أسرع، وتحقيق التعزيز الأمني، وتقديم مراقبة أفضل لموارد الموقع.
- تكنولوجيا التوأمة الرقمية (Digital Twin Technology) لإنشاء محاكاة، والتي يمكن (من بين أشياء أخرى) الاستفادة منها لتحسين كفاءة الطاقة والاستدامة.
- تقنيات الواقع المعزز (Augmented Reality Technology) التي يمكن أن تساعد في عرض المشروع والعمل في مواقع وعرة أو خطرة وتحسين معايير السلامة.
- العقود وتقنية البلوكتشين (Contracts and Blockchain Technology)، والتي من المحتمل أن تجد تطبيقًا في مجالات مثل المشتريات وإدارة العقود والتقييم والمدفوعات المؤقتة.
كما سيؤثر حجم هذه التطورات على أنواع المنازعات التي قد تنشأ حيث:
ستنشأ مجموعة متنوعة من التحديات الجديدة فيما يتعلق بمسائل الملكية الفكرية ومنازعاتها؛ على سبيل المثال، ملكية حقوق الصور والبيانات التي تولدها التقنيات الجديدة، وإدارة الأسرار التجارية، وخصوصية البيانات، ومخاطر الأمن السيبراني المرتبطة بالمعلومات التي تجمعها هذه التقنيات. وقد تم بالفعل طرح هذه المسائل في عدد من القضايا الأخيرة ومن المتوقع أن تستمر هذه الاتجاهات مع استمرار قطاع التشييد والبناء في رحلة التحول الرقمي.
وفي حين أن المعايير الصناعية والتعاقدية المتعلقة بالتقنيات الجديدة ستتطور في الوقت المناسب، فإن استخدامها وتطبيقها سيشكل عنصرًا إضافيًا في منازعات البناء. إذ قد تنشأ بعض المخاوف العملية المتعلقة بمعايير الشفافية والأمان في كيفية تنفيذ التقنيات الجديدة
المصدر : تقرير cliffordchance
المؤتمر العربي السادس لعقود الفيديك
اطلع على مستحدثات الفيديك خلال فعاليات المؤتمر العربي السادس لعقود الفيديك، سجل الان وانضم للمشاركين