تعتبر المحاكم في المملكة العربية السعودية من أهم مؤسسات الدولة، حيث تلعب دوراً حيوياً في حفظ العدل وتطبيق القانون. وتتكون المحاكم في السعودية من عدة أنواع، تختلف وظيفتها وصلاحياتها وفقاً للنوع والنظام الذي تتبعه.

أولاً: المحكمة العليا

المحكمة العليا هي أعلى سلطة قضائية في المملكة العربية السعودية، تقع في مدينة الرياض، وتعتبر محكمة قانون وليست محكمة موضوع، فهي تحاكم الحكم من حيث صحة تطبيق القواعد الشرعية والنظامية وتأويلها، وكذلك من حيث الإجراءات التي اتبعت في المحاكمة، دون أن يكون لها التدخل في تصوير الوقائع أو في تقدير الأدلة.

وتهدف المحكمة العليا إلى مراقبة سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها. وتوجيه النظر إلى القصور الذي قد يشوب بعض الأنظمة، وتتألف من رئيس واحد يعين بأمر ملكي، وعدد من القضاة بدرجة رئيس محكمة استئناف، وتباشر اختصاصاتها من خلال دوائر متخصصة، تؤلف كل منها من ثلاثة قضاة، باستثناء الدائرة الجزائية فإنها تؤلف من خمسة قضاة، ويكون لكل دائرة رئيس.

وتختص المحكمة العليا بمراجعة قضايا الحدود كالقتل، أو القطع، أو الرجم، أو القصاص في النفس وفيما دون النفس، الرقابة على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف، النظر في طلبات معاودة السير في الخصومة بعد شطب الدعوى للمرة الثانية بعد غياب المدعي، والفصل في طلبات إعادة النظر في الأحكام الصادرة عنها.

ثانياً: محاكم الاستئناف

وتقوم بإعادة النظر في الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى، وذلك بعد الاستماع لجميع الخصوم واتباع الإجراءات المنصوص عليها في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية. كما يشمل دور محاكم الاستئناف الفصل في طلبات التماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة عنها.


ثالثاً: محاكم الدرجة الأولى

حيث تنقسم هذه المحاكم إلى عدة أنواع حسب الاختصاص النوعي لكلٍ منها. فتوجد المحاكم العامة والمحاكم الجزائية ومحاكم الأحوال الشخصية والمحاكم العمالية والمحاكم التجارية. وبالنسبة للاختصاص المكاني، يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه مالم ينص القانون على خلاف ذلك. ويتولى نظام الإجراءات الجزائية بيان اختصاص المحاكم الجزائية والإجراءات المتبعة أمامها، بينما يتولى نظام المرافعات الشرعية إيضاح اختصاص باقي محاكم الدرجة الأولى والإجراءات المتبعة أمامها، وقد أوكل المنظم الفصل في المسائل الجزائية للمحاكم الجزائية. بينما أوكل لباقي محاكم الدرجة الأولى الفصل في المسائل التي تعرض عليها بحسب اختصاص كل منها طبقاً لنظام المرافعات الشرعية.

أما محكمة التنفيذ

فهي عبارة عن دائرة بكل محكمة عامة، وليست نوع مستقل من المحاكم. ونُظمت محكمة التنفيذ بنظام التنفيذ ١٤٣٣ هـ بالمرسوم ملكي رقم م / 53 بتاريخ 13 / 8 / 1433، وقد نُظمت مسائل التنفيذ في ٩٨ مادة في خمس أبواب، حيث ورد في المادة الأولى التعريفات، واختصاصات قاضي التنفيذ في المواد (م ٢: ٧)، والسند التنفيذي في المواد (٨: ١٥)، والافصاح عن الأموال في المواد (١٦: ١٩)، والأموال محل التنفيذ في المواد (٢٠: ٢٢)، والحجز التحفظي في المواد (٢٣: ٣٣)، والحجز التنفيذي في المواد (٣٤: ٤٨)، وبيع المال المحجوز في المواد (٤٥: ٥٦)، وتوزيع حصيلة التنفيذ في المواد (٥٧: ٥٩)، وحجز ما للمدين لدى الغير في المواد (٦٠: ٦٧)، والتنفيذ المباشر في المواد (٦٨: ٧٢)، والتنفيذ في مسائل الأحوال الشخصية في المواد (٧٣: ٧٦)، والاعسار في المواد (٧٧: ٨٢)، والحبس التنفيذي في المواد (٨٣: ٨٦)، والعقوبات في المواد (٨٣: ٨٦)، وأحكام عامة في المواد (٩٣: ٩٨).

أهمية ودور محكمة التنفيذ السعودية

بالرغم من كون نظام محكمة التنفيذ جديد نسبياً في النظام القضائي السعودي، إلا أن وجوده قد أحدث بالفعل تأثيراُ كبيراً. حيث تلعب محكمة التنفيذ دوراً مهماً في النظام القضائي السعودي. فهي تعمل على ضمان تنفيذ أحكام المحاكم الأخرى، وهو ما يدعم سيادة القانون. وتساعد محاكم التنفيذ أيضاً على حماية حقوق الدائنين. وذلك من خلال توفير طريقة سريعة وفعالة لتنفيذ الأحكام، وبالتالي تمكنهم من تحصيل ديونهم بشكلٍ يسير وسريع.

ومن المرجح أن تواصل محاكم التنفيذ الاضطلاع بدورٍهام في المستقبل. فمع نمو الاقتصاد السعودي وزيادة عدد النزاعات التجارية، ستصبح الحاجة إلى نظام تنفيذ فعال أكثر أهمية وإلحاحاً.

ويتميز نظام المحاكم -بشكل عام- في السعودية بالشفافية والعدالة والكفاءة، والحرص على حماية حقوق الأفراد وتطبيق العدالة بمنتهى النزاهة والمساواة. كما يسعى النظام إلى تطوير الخدمات القضائية وتحديثها باستمرار، وذلك من خلال توفير التدريب والتطوير اللازمين للقضاة والمحامين والموظفين القضائيين، وتطوير التقنيات المتعلقة بالقضاء والعدالة

تشكيل محكمة التنفيذ

حيث تتولى الدائرة التنفيذ وإجراءاته بغض النظرعن قيمة المحكوم به، ويجوز تأليف أكثر من دائرة عند الحاجة. و يتولى القاضي الفرد - في المحكمة العامة - التنفيذ وإجراءات، ويكون تنفيذ الأحكام والأوامر والمحررات الأجنبية من قاضٍ، أو أكثر، بحسب الحاجة. وللمجلس الأعلى للقضاء - عند الحاجة - إحداث محاكم متخصصة للتنفيذ.

اختصاصات محكمة التنفيذ

تختص محكمة التنفيذ بتنفيذ السندات التنفيذية التالية:

  • 1.   الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة من المحاكم.
  • 2.   أحكام المحكمين المذيلة بأمر التنفيذ وفقًا لنظام التحكيم.
  • 3.   محاضر الصلح التي تصدرها الجهات المخولة بذلك.
  • 4.   الأوراق التجارية.
  • 5.   العقود والمحررات الموثقة.
  • 6.   الأحكام والأوامر القضائية وأحكام المحكمين والمحررات الموثقة في بلد أجنبي.
  • 7.   الأوراق العادية التي يقر باستحقاق محتواها كليا أو جزئيًّا.
  • 8.   العقود والأوراق الأخرى التي لها سند التنفيذ بموجب النظام.

محاكم التنفيذ في المملكة العربية السعودية هي نظام محاكم متخصص ومسؤول عن تنفيذ أحكام المحاكم الأخرى. وقد تم إنشاء هذه المحاكم في عام 2012 كجزء من عملية إصلاح واسعة للنظام القضائي السعودي.

وتتمتع محاكم التنفيذ بسلطة الاختصاص القضائي على الأحكام المدنية والتجارية، كما يدخل ضمن حدود اختصاصها أيضاً تنفيذ قرارات التحكيم وكذلك الأحكام الأجنبية.

وفيما يتعلق باختصاصات قاضي التنفيذ، فقد نص نظام التنفيذ الذي تم إصداره بموجب المرسوم الملكي السابق الإشارة إليه على اختصاصات قاضي التنفيذ من المادة الثانية إلى المادة السابعة من الفصل الأول من الباب الأول منه. فتنص المادة الثانية على أنه : "عدا الأحكام والقرارات الصادرة في القضايا الإدارية والجنائية، يختص قاضي التنفيذ بسلطة التنفيذ الجبري والإشراف عليه، ويعاونه في ذلك من يكفي من مأموري التنفيذ، وتتبع أمامه الأحكام الواردة في نظام المرافعات الشرعية ما لم ينص هذا النظام على خلاف ذلك".

كما تنص المادة الثالثة على أنه : " يختص قاضي التنفيذ بالفصل في منازعات التنفيذ مهما كانت قيمتها، وفقًا لأحكام القضاء المستعجل، ويختص كذلك بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ، وله الأمر بالاستعانة بالشرطة أو القوة المختصة، وكذلك الأمر بالمنع من السفر ورفعه، والأمر بالحبس والإفراج، والأمر بالإفصاح عن الأصول، والنظر في دعوى الإعسار".

وتتناول المادة الرابعة الاختصاص المكاني لقاضي التنفيذ فتنص على أنه :" يكون الاختصاص المكاني لقاضي التنفيذ - بحسب الحال - كما يأتي :

1-  في دائرة المحكمة التي أصدرت السند التنفيذي.

2-  في مكان الجهة التي أنشئ المحرر في منطقتها.

3-  في موطن المدين.

4-  في موطن عقار المدين، أو أمواله المنقولة. وتحدد اللائحة الأحكام اللازمة لهذه المادة".

وتنص المادة الخامسة على أنه:" إذا تعددت الدوائر المختصة بالتنفيذ؛ فيكون لقاضي التنفيذ - الذي قام بأول إجراء تنفيذي - الإشراف على التنفيذ وتوزيع حصيلته، وله أن ينيب قاضي تنفيذ في دائرة أخرى للتنفيذ على مال المدين، وتحدد اللائحة الأحكام اللازمة لذلك".

كما تنص المادة السادسة على أنه:" تكون جميع قرارات قاضي التنفيذ نهائية، وتخضع جميع أحكامه في منازعات التنفيذ، ودعوى الإعسار للاستئناف، ويكون حكم الاستئناف نهائيًا".

وتنص المادة السابعة على أنه :"إذا وقع تعدٍّ، أو مقاومة، أو محاولة لتعطيل التنفيذ، وجب على قاضي التنفيذ اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية، وله الأمر على الجهات المختصة بتقديم المعونة المطلوبة، ولا يجوز لمأموري التنفيذ كسر الأبواب، أو فتح الأقفال بالقوة لإجراء التنفيذ، إلا بعد استئذان قاضي التنفيذ، وتوقيع محضر بذلك".

وقد تمت الإشادة بمحاكم التنفيذ لكفاءتها وفعاليتها في تنفيذ الأحكام. فقد ساعدت على تحسين الكفاءة العامة للنظام القضائي السعودي، كما جعلت من اليسيرعلى الدائنين تحصيل ديونهم.

أحكام تخرج عن اختصاص محكمة التنفيذ

 ولا تدخل الأحكام الإدارية والجنائية ضمن اختصاص محاكم التنفيذ، حيث تختص دوائر التنفيذ بالمحاكم الإدارية بتنفيذ الأحكام والقرارات النهائية الصادرة من المحاكم الإدارية، وذلك طبقاً لنص المادة 12 من نظام التنفيذ أمام ديوان المظالم والتي تنص على أنه:" تصدر دائرة التنفيذ أمراً بالتنفيذ إلى الجهة الإدارية إذا انتهت المهلة المنصوص عليها في المادة (العاشرة) دون أن يتم التنفيذ، أو إذا صرحت خلالها الجهة بما يفيد رفضه. وإذا كان تنفيذ السند يتطلب اتخاذ إجراءات معينة بما في ذلك إصدار قرارات إدارية فيتضمن أمر التنفيذ تحديدها. وتبلغ الجهة المختصة بصورة من الأمر للنظر في مباشرة الإجراءات الجزائية ضد المتسبب في عدم التنفيذ".

كما يختص الحاكم الإداري (أمير المنطقة) باتخاذ إجراءات تنفيذ الأحكام الجزائية وذلك طبقاً لنص المادة 216 من الباب التاسع في نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه:" يرسل رئيس المحكمة الحكم الجزائي الواجب التنفيذ الصادر من المحكمة إلى الحاكم الإداري لاتخاذ إجراءات تنفيذه. وعلى الحاكم الإداري اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الحكم فورًا".

وتتألف دوائرالتنفيذ من قاضٍ واحد أو أكثر. ويكون القاضي مسؤولاً عن الإشراف على عملية التنفيذ من خلال ضمان تنفيذ الحكم بطريقة عادلة ونزيهة.

مشروع نظام التنفيذ الجديد

تم إصدار توجيه من وزير العدل بإطلاق مشروع لتطوير نظام التنفيذ وذلك استناداً للفقرة الثانية من المادة الحادية والسبعين من نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/78) في 19/ 09/ 1428هـ، ونصها: "ترفع وزارة العدل ما تراه من المقترحات أو المشروعات التي من شأنها رفع المستوى اللائق بمرفق العدالة"، وذلك بهدف تحقيق المستهدفات المرسومة في المنظومة العدلية وفقًا لرؤية 2030، وتم إعداد خطة معتمدة ومحققة للضوابط المطلوب مراعاتها عند إعداد ودراسة المشروعات القانونية من الأنظمة واللوائح وما في حكمها، الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (713) وتاريخ 30/ 11/ 1438هـ.، ووفقاً لمنهجية إعداد المشروعات التنظيمية في وزارة العدل الصادرة بقرار وزير العدل رقم (8057) في 5/ 10/ 1441هـ.

 ويهدف المشروع الجديد إلى تحسين نظام التنفيذ في المملكة العربية السعودية وتحقيق عدة أهداف، منها رفع كفاءة قضاء التنفيذ وإنفاذ العقود، إلى جانب تحقيق العدالة الناجزة وتحقيق التوازن بين سرعة إيصال الحق لصاحبه ومراعاة حقوق المنفذ ضده ومصلحة المجتمع. كما يهدف المشروع إلى تعزيز العدالة الوقائية وضبط العقود التنفيذية، فضلاً عن تعزيز إسناد الأعمال غير القضائية للقطاعين الخاص وغير الربحي بما لا يخل بالضمانات، وقصر دور القاضي على الأعمال القضائية، وكذلك تعزيز التحول الرقمي وتحسين تنافسية المملكة وبيئة الأعمال فيها بما لا يخل بالجودة والضمانات القضائية. كما يهدف المشروع إلى مواكبة أحدث النظريات في التنفيذ المالي وغير المالي بما يتوائم مع السياسة العدلية للمملكة، وتمكين التطوير الإجرائي وتحقيق المرونة التشريعية بما لا يخل بالضمانات.

ويتضمن المشروع العديد من الأحكام التي تم استحداثها لتحقيق أهداف المشروع وتطوير نظام التنفيذ في المملكة العربية السعودية. وتشمل هذه الأحكام إسناد إجراءات التنفيذ التي لا تعد أعمالاً قضائية إلى القطاع الخاص أو وحدات مختصة، وتفعيل التنفيذ الرضائي مع جواز إسناد تنفيذ إجراءته التي تنص عليها اللائحة إلى القطاع الخاص، والنص على أتمتة الخدمات وإجراءات التنفيذ والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي فيه، والنص على تقادم السندات التنفيذية بعد مضي (خمس) سنوات من تاريخ استحقاقها، وكذلك حذف أحكام الإعسار من النظام تمهيداً لتنظيم أحكامه في نظام مستقل، واشتراط تسجيل السندات لأمر والكمبيالات في المنصات الإلكترونية المعتمدة من الوزارة، وتمكين من اشتغلت ذمته بحق ثابت في سند تنفيذي من التقدّم إلى المحكمة بطلب إلزام من له الحق باستيفائه، وغيرها من الأحكام التي تهدف إلى تحسين نظام التنفيذ وتطويره.

كما تضمن المشروع عدة إجراءات تنفيذية جديدة تهدف إلى تطوير نظام التنفيذ في المملكة العربية السعودية، وتشمل إلغاء الحبس التنفيذي للمتعثر عن السداد في الحقوق المالية، وإلغاء إيقاف الخدمات الحكومية ومنع التعامل المالي مع المتعثرعن السداد في الحقوق المالية، ومعالجة التعارض بين أمر المنع من السفر وقرار إنهاء إقامة غير السعودي، وتفعيل الإفصاح من المنفذ ضده وممن يشتبه بتهريب الأموال إليه وتجريم الامتناع أو تقديم معلومات غير صحيحة، وتفعيل تتبع الأموال بإيجابه، وإعطاء المحكمة صلاحيات أوسع في التتبع والاستجواب والاسترداد وإبطال المعاملات، وتجويزالإسناد للوحدات المركزية والقطاع الخاص.

ويتضمن المشروع إجراءات تنفيذية تهدف إلى تنظيم منازعات التنفيذ، وتحديد ضوابطها وإجراءاتها والاعتراض عليها وأثرها على السير في إجراءات التنفيذ، كما يتضمن المشروع استحداث مسار للتظلم على بعض أوامر التنفيذ وإجراءاته التي تصدر من الوحدات المختصة والقطاع الخاص.