أولا الحق في الاستعانة بمحامي
هو حق من الحقوق الدستورية وبالتالي المحامي يمارس رسالة نص عليها الدستور فهي ليست مهنة جانبية وإنما مهنة في واجباتكم تؤدون هذه الرسالة. أما الدستور فنص على رسالة الدفاع التي يؤديها المحامين والدفاع ضروري لتحقيق الشرعية الإجرائية، فالإجراء يكون باطلا إذا لم يمكن المتهم من الاستعانة بمحام أو كان الدفاع ناقصا شكليا، وينشأ هذا الحق لكل محامي دون تفرقة حتى في مرحلة الاستدلالات قبل أن يوجه للشخص اتهاما من سلطة التحقيق.
المحامي هو الذي ينشئ شخصيته وقوام شخصية أي انسان هو أن يكون محترما والاحترام ليس معناه أن تطلب من الغير أن يحترمك وإنما أن تفرض احترامه لك ويكون ذلك بقدر سلوك وتصرفات المحامي.
علاقة المحامي بالقضاء:
ومن هنا أتحدث عن علاقة المحامي بالقضاء وأجهزة القضاء وعلاقته بمساعدي القضاة، أما علاقته بالقضاء وفقا لما نص عليه الدستور فإن المحاماة شريكة مع القضاء في تحقيق العدالة هي ليست معاونة مثل الخبراء والمعاونين وإنما شريكته كتفا بكتف ولا عدالة بغير قضاء ومحاماة.
العلاقة بالقضاء هي علاقة احترام متبادل وبعض المحامين وهم قلة يشيعوا اتصالهم برجال القضاء حتى يحصل على المزيد من القضايا وكل ذلك خطأ ينكبه هو طريقا صعبا لأنه تسوء سمعته عند القضاء ويخافون من التعامل معه حتى لا يساء سمعة القضاء أنفسهم، وبالتالي يجب على المحامي أن يكون مستقلا مستقيما حسن السمعة لا يستغل أية علاقة بالقضاء على أنها علاقة شخصية سيكون لها تأثير على القضايا الموكل فيها، لأن كل ذلك عواقبه وخيمة على سمعته مستقبلا.
هذا الاحترام المتبادل هو الذي يرصع المهنة ويجعل المحامين دائما ليسوا أقل من القضاة ما لم يكن أفضل لأن القاضي بعد أن ينتهي به الأمر يشتغل محاميا، وكان أول رئيس لمحكمة النقض محاميا، بل أصبح نقيب المحامين.
مبدأ استقلال المحامي:
علاقة المحامي بالموكل من الناحية القانونية هناك استقلال مهني، اذكر في أحد القضايا التي كنت أتولاها كان المتهم فيها رجل قانون وتدخل في جزء معين من دفاعي فرفضت تدخله لاستقلال المحامي في اختيار طريقة دفاعه المهني دون تدخل من أحد.
مبدأ استقلال المحامي في النواحي القانونية هو مبدأ هام جدا، حيث يستمع المحامي لموكله وإذا أمكنه تحقيق ما يطلبه الموكل بأسلوب قانوني سليم، أما أن يفرض الموكل على محاميه حل قانوني معين فالمحامي مسؤول عن أتباعه أو عدم اتباعه، وهنا أنصح المحامي أنه إذا ما طلب منه سلوكا معينا يجب أن يطلب من موكله التوقيع على هذا الطلب لأنه يكون مسؤولا عن هذا السلوك ولهذا المحامين في أمريكا في بعض الأحيان يطلبوا من المتهم أن يكتب تصور خط اليد عن رأيه في القضية ويؤخذ هذا الرأي ويبنى عليه الحل القانوني من ناحية الوقائع ووجهة نظر الخصم، وأنصح المحامي أيضا بالابتعاد عما يطلبه موكله من توجيه السب لخصمه في صحيفة الدعوى، حتى لا يقع في أي خطأ مهني بل يحمل صاحب الشأن خطأه.
التزام المحامي ببذل عناية:
المحامي إذا وعد الموكل عند قبوله القضية بتحقيق نتيجة (الوعد بالبراءة) يكون قد خالف السلوك المهني وإنما يجب عليه أن يقول إنه سيعمل على حصول موكله على البراءة، لأن المحامي ملتزم ببذل عناية وتكون النتيجة بيد المحكمة.
ومن ناحية تحديد الأتعاب النقابة حددت قواعد لذلك ولكن في الممارسة العملية يمكن للمحامي قبول قضية بدون أتعاب ونفس مستوى القضية بأتعاب باهظه ونفس مستوى القضية بأتعاب أقل ويتوقف ذلك على المجهود المبذول وعلى ملائة الموكل.
المحامي واللغة العربية:
من واجبات المحامي أيضا اللغة العربية وحسن التعبير وقوة التعبير ومنطق المحامي له دخل كبير جدا في إقناع المحكمة، حيث تشكل حجة ومنطق المحامي ومعرفته بعبارات محكمة النقض شخصية المحامي المتميز، وكلما استطاع المحامي أن يكسب المحكمة وأن تكون المحكمة حارسا للحريات كلما استطعت أن تقنع المحكمة
ثانيا الدفوع – الممارسة العملية
الدفوع إما موضوعية أو إجرائية.
الدفوع الموضوعية تتجه إلى ثبوت التهمة تتكلم عن الواقعة والأدلة.
الدفوع الإجرائية إما أنها تتصل برفع الدعوى أو باتصال المحكمة بالدعوى أو بالدعوى نفسها والتحقيق والمحاكمة.
وبالتالي يختار المحامي الدفوع ويحددها موضوعية وإجرائية والدفوع بشكليها منها ما هو جوهري وغير جوهري.
فالدفع الجوهري الذي تستطيع أن تبطل به الحكم ليست الدفوع التي تحاول بها تشكيك المحكمة بالجريمة وإنما الدفوع التي تريد بها الوصول إلى حل قانوني مؤكد مثل الدفع بجنون المتهم يجب على المحكمة أن تجيب عليه وأن رفضته يجب أن تسبب رفضها، كذلك الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية والدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي والدفع الجوهري يؤدي إلى تغيير مصير الدعوى.
أما الدفوع المتعلقة بتشكيك المحكمة تكون غير جوهرية لأنها تثير الشك فقط في اقتناع المحكمة يغلفها المحامي ويضع لها غلافا جوهريا مثل الدفع بتعذر الرؤية بسبب الضباب أو عدم وجود مصابيح للإضاءة، هذا الدفع يمكن للمحكمة عدم الرد عليه وإنما لو طلب المحامي طلبا جازما كإرفاق شهادة من الأرصاد الجوية تفيد حالة الطقس والرؤية وقت الجريمة أو طلب معاينة أو أن يقوم المحامي بإثبات عدم وجود مصابيح ويشفع دفعه بتعذر الرؤية بطلبات معينة جازمة في هذه الحالة المحكمة ملزمة بالرد عليه وإلا أصبح الحكم باطلا.
وهنا ننبه على المحامي أنه قد يخسر قضايا في الدفوع من جانب هام بحسب محكمة النقض (الدفوع الجوهري يجب أن يتمسك به في نهاية المرافعة وإذا تعدد المحامون وجاء المحامي الثاني ولم يتمسك بنفس الدفع الجوهري يعتبر متنازل عنه لأن الدفاع وحدة متكاملة)، هذا نضطر الان في القضايا التي بها دفوع أن نكتب مذكرات حتى نكمل أي نقص في محضر الجلسة أو أي نقص في الدفاع ويجب على المحامي أن يهتم بأن يثبت في محضر الجلسة تقديم المذكرة ، والنسبة للدفوع الجوهرية لابد أن يقدمها في الطلبات الختامية لأن عدم تقديمها بتلك الطريق يعتبر تنازل منه عنها وان ذكرها مسبقا وفقا لأحكام ومبادئ محكمة النقض.
هذه الأخطاء لا دخل للمحامين فيها وإنما تعتبر ثغرات إجرائية تمكن المحكمة من رفض هذه الدفوع الجوهرية التي يترتب على قبولها تغيير الرأي في الدعوى ولهاذا يجب على المحامي الحرص على تقديم دفوع جازمة تقرع سمع المحكمة قبل إغلاق باب المرافعة
ثالثا المشكلات العملية (التفتيش الإداري وتمييزه عن التفتيش القضائي – الاستيقاف – التفتيش الواقع على الجسد).
المشكلة الأولى: التمييز بين التفتيش الإداري والتفتيش القضائي
شخص تم تفتيشه في المطار ووجد سلاح أو مخدرات، في هذه الحالة نفرق بين ثلاثة فرضيات
1- الذي قام بالتفتيش هو ضابط الشرطة ويعد ذلك تفتيش قضائي ويكون هذا التفتيش باطلا لأنه لا يجوز للضابط أن يفتش إلا بناء على اذن من النيابة.
2- الضابط أمر مأمور الجمارك أن يفتشه، لو سجل مأمور الجمارك ذلك في محضره يكون التفتيش باطلا لأن يكون قد امتثل لأمر مأمور الضبط القضائي.
3- عندما يشتبه مأمور الجمارك بنفسه في المسافر ويقوم بتفتيشه ويكون هذا التفتيش صحيحا، في أحكام محكمة النقض في فترة الخمسينيات من القرن الماضي حسمت المحكمة التردد في هذا الشأن وأرسى المبدأ أنه يجوز لمأمور الجمارك أن يفتش من تلقاء نفسه عندما تتولد لديه حالة الاشتباه ويفتش بنفسه، وهذا التفتيش سمي تفيشا إداريا نظرا لاختلافه عن التفتيش القضائي من حيث إلزام الأخير بأخذ اذن النيابة العامة قبل التفتيش.
- الأساس القانوني لإباحة التفتيش الإداري هو أن مأمور الجمرك يجب عليه أن يرى السلع التي يفرض عليها رسوم جمركية والسلع الممنوع دخولها وهو يزاول عمله إذا اشتبه في أن شخص معين معه سلعه معينه ممنوع دخولها فإذا ضبطها فإنه ينفذ قانون الجمارك، وإذا وجد بالصدفة معه مخدرات وهي بضاعة ممنوعة، ولا يشترط أن يكون رجل الجمارك لديه صفة الضبط القضائي.
مثال أخر:
شخص مسافر للخارج ومعه قنبلة أو سلاح يفتش تفتيش إداري لأن هذا التفتيش أمني هنا التفتيش صحيح حتى بدون إذن من النيابة العامة ولا يعتبر ذلك تفتيش قضائي لأننا لا نبحث فيه عن أدلة جريمة وإنما هي وسائل أمنية للتحقق من أمن الطائرة وليس فيها أي نوع من أنواع الخطر.
وإنما لو حدث تفتيش قضائي بناء على معلومة وردت بأن الشخص مع مواد متفجرة أو سلاح فيقع التفتيش باطلا إذا تم بدون اذن النيابة العامة.
المشكلة الثانية: الاستيقاف
في معظم القضايا نجد أن المتهم عند استيقافه (ألقى) مخدرات بمجرد رؤية الضابط وما إلى مثل تلك الحالات ويقوم رئيس المحكمة إذا كان الأمر واضحا في بعض الأحيان بالاكتفاء بمرافعة قصيرة من المحامي لأن الأمر واضح.
الاستيقاف ليس قبضا وبالتالي مهارة المحامي أن يثبت للمحكمة أنه قبض وأنه ليس مجرد إستيقافا وأنه قبضا باطلا يبطل معه الإلقاء أو أنه كان أمرا مصطنعا، وأذكر هنا محاميا متميز كان عنده عدة قضايا استيقاف بواسطة ضابط معين فاستطاع أن يجمع تلك القضايا ويدخلها في جلسة واحدة وكان العامل المشترك فيها أن أسلوب الضابط في التعامل مع الاستيقاف واحد "ما ان شاهدنا حتى ألقى بلفافة على بعد كذا متر فتتبعناها بنظرنا ووجدناها ففتحها ووجد بها حشيش" فقال المحامي للمحكمة أن العبارات واحدة في كل الإستيقافات التي قام بها وأخذت كلها براءة لأنه أستطاع أن يثبت أنها عبارات مصطنعة.
مثال أخر ضابط جاء له إخبارية بشأن سيارة بها مخدرات ولم يحصل على إذن نيابة وإنما قال بأنه استوقفها وقام صاحب السيارة برمي لفافة بمجرد رؤيتنا ففتشنا السيارة، القضية حكم فيها بالبراءة لأن الدفاع استطاع أن يثبت أن هذا الالقاء كان كاذبا مصطنعا وأن ما تم بعد ذلك كان أثر لحالة تلبس مصطنعة.
المشكلة الثالثة: التفتيش الواقع على الجسد
مثال ذلك سيارة خالفة قانون المرور حالة سكر السائق أو متعاطي مخدرات هل يملك مأمور الضبط القضائي أن يجبر ذلك الشخص على عمل فحص السكر أو التعاطي، قانون المرور يتيح ذلك باستخدام الوسائل الفنية، ولكن في حال الاجبار أو القهر على ذلك فإن القانون اعتبر ذلك اعتداء على حرمة الانسان وحريته في سلامة بدنه، وهذا الأمر دقيق جدا ويرتب عليه مسائل كثيرة جدا تتوقف على مهارة المحامي في معرفة القانون والوصول إلى النتيجة.
الخلاصة:
هناك ثلاث أركان للمحاماة أولا المعرفة القانونية، ثانيا القدرة على الاقناع، ثالثا القدرة على التواصل.
المحامي يجب أن يكون ماهرا في الاقناع وهي مهارة لا يكتسبها بالمعرفة القانونية فقط وإنما يجب عليه أن يدرس ويطلع على العلوم الأخرى غير القانونية فالمحامي الذي لا يعرف غير القانون فقط لا يصلح أن يكون محاميا، والمحامي يجب أن يكون منتشرا وواسع العلاقات حتى يتمكن من الوصول إلى العملاء.
شهادة الملكات القانونية
45 ساعة تدريبة تضمن لك احتراف مهارات
- التفكير القانوني السليم
- الصياغة القانونية
- تقديم الاستشارات القانونية
- المرافعات