أشهر قضايا التحكيم الدولي - قضية كرومالوي

قضية كرومالوي

ثار الخلاف حول تفسير أحكام اتفاقية نيويورك عام 1958 المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم في دولة أجنبية بالرغم من بطلانه بحكم صادر عن القضاء الوطني، فما هي أسباب النزاع بين شركة كرومالوي والحكومة المصرية وما هي الأحكام الصادرة بموضوع النزاع؟ وما أسباب إصدار محاكم فرنسا حكمها بتنفيذ قرار تحكيمي صدر بالقاهرة وتم ابطاله وفقا للاختصاص القضائي للمحاكم المصرية؟ وما هي الاتجاهات القضائية الدولية في تنفيذ قرارات التحكيم التي قضي ببطلانها في دولة النزاع؟ وما هو الدور الوقائي المتخذ من الحكومة المصرية في مثل تلك الحالات؟ 

فيما يلي نستعرض تلك التساؤلات من خلال ثلاث محاور:

  • أولا: قضية كرومالوي (أسباب النزاع – الأحكام الصادرة).
  • ثانيا: الاتجاهات القضائية في تنفيذ قرارات التحكيم التي قضي ببطلانها في دولة النزاع.
  • ثالثا: الدور الوقائي المتخذ من الحكومة المصرية


(أسباب النزاع – الأحكام الصادرة)

وخدمات ومعونة فنية لطائرات الهليكوبتر، وتم الاتفاق على أن يحال أي نزاع ينشأ عن هذا العقد لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم الدولي وفقا لأحكام القانون المصري.

بتاريخ 2/12/1991 ونتيجة عدم التزام الشركة بواجباتها التعاقدية تم إنهاء العقد بالإرادة المنفردة من طرف الحكومة المصرية، وتسييل خطابات الضمان الصادرة من شركة كرومالوي.

• النزاع بمركز القاهرة للتحكيم الدولي:

بتاريخ 23/2/1992 لجأت شركة كرومالوي للتحكيم وفق البند الثاني من العقد سالف الذكر، وقيدت الدعوى رقم 16 لسنة 1994 لنظر النزاع، وبدأ الطرفان في تعيين المحكمين وتم اختيار الأستاذ الدكتور سمير الشرقاوي محكم عن الحكومة المصرية والسيد E. Gaillard عن شركة كرومالوي.

وبتاريخ 24/8/1994 صدر القرار في التحكيم لصالح شركة كرومالوي بإلزام الجانب المصري بسداد مبلغ يزيد عن سبعة عشر مليون دولار أمريكي، استنادا إلى أن انهاء العقد من جانب واحد وتسييل خطابات الضمان يعد إجراء غير قانوني يستوجب التعويض[1].

[1] - مجلة التحكيم العربي، بحث مقدم من الدكتورة حفيظة الحداد، الرقابة القضائية على أحكام التحكيم بين الازدواجية والوحدة، العدد الخامس، يناير 2010، ص 66 – 80.

• النزاع بالمحاكم المصرية والفرنسية:

بتاريخ 5/12/1995صدر حكم محكمة استئناف القاهرة دائرة 7 تجاري في دعوى التحكيم رقم 16 لسنة 1994 ببطلان قرار التحكيم استنادا إلى استبعاد تطبيق القانون المتفق عليه وهو استبعاد جزئي، حيث تم تطبيق قواعد القانوني المدني بدل من القانون الإداري حيث أوردت المحكمة بحكمها أنه "لما كان من المقرر أن العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقود إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام أو بتنظيمه، وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ بشأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه واقتضاء حقوقها بطريق التنفيذ المباشر بتضمين العقد شروطا استثنائية غير مألوفة بمنأى عن القانون الخاص".

حيث ثبت للمحكمة أن العقد محل النزاع " هو عقد اداري مبرم مع مرفق عام لتوريد مهمات وخدمات متعلقة بتسييره وتنظيمه وتضمن العقد – بحسب الدفاع المقدم من الطرفين – أن الإدارة أظهرت نيتها في الأخذ بأسلوب القانون العام وأحكامه واقتضاء حقوقها بطريق التنفيذ المباشر بما تضمنه العقد من حق جهة الإدارة في توقيع جزاءات مالية في بعض الحالات وسلطتها في إنهاء التعاقد في حالات معينة بإرادتها المنفردة بمجرد إخطار بخطاب مسجل وهي شروط استثنائية غير مألوفة بمنأى عن أسلوب القانون الخاص ...... فإنه يكون قد استبعد القانون المتفق عليه في العقد على إعمال أحكامه بما تتوافر معه حالة من حالات طلب بطلان حكم التحكيم المنصوص عليها في المادة 53 الفقرة الأولى بند (د) من القانون رقم 27/1994".

وبتاريخ 28/10/1994 تقدمت شركة كرومالوي بطلب لتنفيذ قرار التحكيم أمام محكمة باريس الجزئية وصدر حكمها في تاريخ 4/5/1995 بتنفيذ قرار التحكيم، وقد استندت المحكمة في ذلك إلى السلطة المخولة لقاضي المحكمة وفقا لنص المادة 1052 من قانون المرافعات المدنية الجديد، وهو الاتجاه السائد في القضاء الفرنسي إلى والذي يؤكد أن قرار التحكيم الذي تم إلغاؤه في موطن النزاع لا يزال قابلاً للتنفيذ في فرنسا.

كما استندت إلى نص المادة الخامسة (1/هـ) من اتفاقية نيويورك 1958 "لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يجتح عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على: ...... (هـ) أن الحكم لم يصبح ملزما للخصوم أو ألغته أو أوقفته المختصة في البلد التي فيها أو بموجب قانونها صدر الحكم".

كما لم ترتض الحكومة المصرية الحكم الصادر عن محكمة باريس الجزئية فطعنت عليه أمام محكمة الاستئناف الفرنسية وبتاريخ 14/1/1997 أيدت المحكمة الحكم الصادر بتنفيذ قرار التحكيم.

استناد إلى نص المادة 1052 من قانون المرافعات المدنية الجديد، حيث نصت المادة على أسباب محدودة لرفض تنفيذ قرارات التحكيم، وعليه اتجهت المحاكم الفرنسية منذ فترة طويلة إلى أن قرار التحكيم الذي تم إلغاؤه في موطن النزاع لا يزال قابلاً للتنفيذ في فرنسا، وقد صدر عن محكمة النقض العديد من الأحكام المؤيدة لذلك مثل الحكم الصادر Hilmarton ضد Omnium، بإنفاذ قرار التحكيم الذي كان قد تم إلغاؤه في سويسرا  .[1]

[1] - حكم استئناف باريس رقم 95/23025 الصادر بتاريخ 14/1/1997.

• حكم التنفيذ الصادر عن المحاكم الأمريكية:

بتاريخ 31/7/1996 في الولايات المتحدة أصدرت المحكمة الجزئية لمنطقة كولومبيا حكم بتنفيذ قرار التحكيم المقضي ببطلانه من محكمة استئناف القاهرة في تحكيم فصل فيه بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم.

واستند الحكم إلى أن عدم تطبيق هيئة التحكيم قواعد القانون الإداري، لا يعد سبب لإيقاف تنفيذ حكم التحكيم بموجب قانون التحكيم الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى ما اتفق عليه الطرفان باتفاق التحكيم حيث نص صراحة على أن حكم التحكيم لا يمكن الرجوع عنه بالاستئناف أو بأي وسيلة أخرى.

كما استندت المحكمة الأمريكية في قرارها إلى السلطة التقديرية لمحكمة التنفيذ بموجب المادة الخامسة (1) (هـ) من الاتفاقية لرفض التنفيذ، أو السماح لها في حالة وجود أحد أسباب الرفض.

الدور الوقائي المتخذ من الحكومة المصرية

إنشاء الهيئة العليا للتحكيم والمنازعات الدولية

نص القانون رقم 1062 لسنة 2019 الصادر بتاريخ 25/4/2019 بشأن الهيئة العليا للتحكيم والمنازعات الدولية في المادة 2/ 2- 8، على اختصاص الهيئة في:

-        إبداء الرأي في عقود الدولة سواء المتضمنة بندا بالموافقة على اللجوء إلى التحكيم الدولي أو غيرها من العقود التي تبرم مع مستثمر أجنبي، على أن تتولى اللجنة صياغة البنود الحاكمة لهذه العقود سواء لشرط التحكيم أو باقي البنود الحاكمة الأخرى (منها القوة القاهرة، تغيير القوانين، وغيرها) بما يكفل التوازن العادل بين الطرفين.

-        اقتراح التسوية الودية مع الأطراف الأخرى إن اقتضى الأمر ذلك، وللجنة في سبيل تحقيق محاولات التسوية الودية عقد الاجتماعات للتفاوض مع أطراف النزاع أو من يمثلهم قانونا وطرح كل الحلول المقترحة ووضع الخطوط العريضة اللازمة للتسوية، وذلك مع مراعاة التنسيق اللازم في هذا الخصوص مع اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار.

ويأتي اختصاص الهيئة للعمل على وضع خطة وقائية لتجنب النزاعات المستقبلية وللحد من الأخطاء التي ترد بالتعاقدات التي تبرمها الدولة وتضمنها شرط تحكيم وأخيرا بحث كل سبل التسوية الودية للنزاعات قبل اللجوء للتحكيم.

شهادة المحكم المحترف

انضم للمشاركين في شهادة المحكم المحترف وامتلك مهارات

صياغة اتفاق التحكيم

ادارة جلسات التحكيم

صياغة حكم التحكيم

تنفيذ أحكام التحكيم

سجل الان