استئناف باريس تتبنى نهجاً مرناً لتدخل الغير في إجراءات ما بعد حكم التحكيم 2024
2024/03/11

هل يجوز لطرف لم يشارك في إجراءات التحكيم الانضمام إلى إجراءات تنفيذ الحكم إذا تم نقل الحقوق المترتبة على حكم التحكيم إليه؟ تناولت محكمة استئناف باريس هذه المسألة في حكمها الصادر بتاريخ 13 فبراير 2024.

نشأ النزاع عن امتياز أبرمته شركة انتريكس (Antrix)، وهي شركة مملوكة للدولة الهندية، مع شركة ديفيس ومقرها موريشيوس (Mauritius-based Devas)، والذي يسمح للأخيرة باستخدام الطيف الكهرومغناطيسي الهندي لخدمات الاتصالات. وبعد أن أنهت شركة Antrix العقد، لجأ مساهمو Devas إلى التحكيم استنادًا إلى اتفاقية الاستثمار الثنائية (BIT) بين الهند وموريشيوس لعام 1998. وفي الأخير، قضت هيئة محكمة التحكيم الدائمة  (PCA)بمسئولية الهند وألزمتها بتعويض المساهمين بمبلغ 111 مليون دولار أمريكي. وبعد منح قاضي التحقيق الفرنسي الصيغة التنفيذية (Exequatur) للحكم، قام مساهمو Devas بنقل حقوقهم في تحصيل عائدات الحكم إلى ثلاث شركات أمريكية (المستفيدين). فطعنت الهند بالاستئناف في أمر التنفيذ (Exequatur)  وسعى المستفيدين للتدخل في الإجراءات.

واعترضت الهند على تدخل المستفيدين في الدعوى، استناداً إلى حجتين رئيسيتين هما:

1.   أنه لا يجوز لمن يُعتبر من الغير في التحكيم الانضمام إلى إجراءات تنقيذ الحكم.

2.   أنه ليس للمستفيدين مصلحة أو صفة قانونية للتصرف، وذلك لأن عقود التنازل كانت "صورية" وبالتالي فهي غير صالحة بموجب القانون الإنجليزي.

فرفضت المحكمة جميع دفوع الهند وسمحت بتدخل المستفيدين في الدعوى. وبالإشارة إلى المواد 325 و 554 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي، ذكرت المحكمة أولاً أن الطبيعة التعاقدية للتحكيم "لا تمنع من حيث المبدأ تنازل أحد أطراف التحكيم عن حقوقه للغير". وبعد تحليل عقود التنازل بدقة، لاحظت المحكمة أن أحكامها تمثل تنازلاً تقليدياً للمستفيدين، مما يمنحهم بالتالي الصفة والمصلحة للتدخل في الإجراءات".

ثانياً، فحصت المحكمة تعريف "المستثمر" بموجب اتفاقية الاستثمار الثنائية وخلُصت إلى أنه شرط لمباشرة التحكيم فقط، كما أن الاتفاقية لم تتناول إمكانية نقل الحقوق المرتبطة بمطالبة أقر بها حكم تحكيمي بشكل قانوني أو تعاقدي. وبناءً على ذلك، خلصت المحكمة إلى أن كون المتنازل لهم أمريكيين لا يمثل "عقبة أمام قبول تدخلهم".

وختاماً، قامت المحكمة أيضًا بتحليل عقود التنازل، كما اطلعت على تعريف مصطلح "الصورية" بموجب القانون الإنجليزي، وخلُصت من ذلك إلى أن الهند لم تثبت الاحتيال وأن نقل الحقوق قد تمت معالجته بشكل واضح في حالة إنهاء هذه العقود، وبالتالي فإن هذا لا يمكن اعتباره كاشفًا عن نية الخداع المتأصلة في المعاملة الصورية.

ونخلص مما سبق إلى تأكيد الحكم على النهج المرن والعملي لمحكمة استئناف باريس فيما يتعلق بإجراءات ما بعد التحكيم، والذي يجيز تدخل الغير في هذه الإجراءات إذا تم نقل الحقوق المترتبة على حكم التحكيم إليهم.


لتحميل نص الحكم


نقلاً عن:  إيوانا نول تيودور  (Ioana Knoll-Tudor)

محامية تحكيم دولي، وشريك بشركة أدليشو جودارد (Addleshaw Goddard)، والسكرتير العام لمؤسسة (Paris Arbitration Week(PAW))، ونائب رئيس نادي التحكيم الاسباني برومانيا (Club Espanol de Arbitraje (CEA) Romania)