2025/05/21

تعد بيئة الاستثمار أحد المحركات الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وقد أولت المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بتحسين هذه البيئة، خاصةً منذ إطلاق (رؤية السعودية 2030) ومن بين أهم المحاور القانونية والتنظيمية التي تم تطويرها لتعزيز مناخ الأعمال واستقطاب الاستثمارات، برز (نظام الإفلاس السعودي) كأداة تشريعية رئيسية لضمان استقرار المعاملات التجارية وحماية حقوق الدائنين والمدينين على حد سواء.

صدر نظام الإفلاس السعودي بموجب المرسوم الملكي رقم (م/50) بتاريخ 28/05/1439هـ، وجاء ليواكب أفضل الممارسات والمعايير الدولية في مجال تنظيم حالات التعثر المالي وإعادة الهيكلة. ويهدف النظام إلى تحقيق عدة غايات أبرزها: تعزيز الثقة في التعاملات التجارية، دعم الاستثمار، تيسير استمرار المنشآت الاقتصادية المتعثرة، وتوفير إجراءات قانونية مرنة وفعالة لحل الأزمات المالية دون المساس بحقوق الأطراف المعنية.

وقد اعتمدت الدراسة المعروضة في هذا الملف منهجًا وصفيًا وتحليليًا ومقارنًا لتقييم مدى نجاعة النظام السعودي، وتمت مقارنة النظام المحلي بعدد من الأنظمة الدولية الرائدة، شملت: نظام الإفلاس في الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، الاتحاد الأوروبي، المملكة المتحدة، والإمارات العربية المتحدة.

أبرز محاور الدراسة:

1.   ماهية الإفلاس وتطوره: تمت معالجة المفهوم القانوني للإفلاس وتمييزه عن المصطلحات المشابهة كالإعسار والتعثر، مع تسليط الضوء على البعد التاريخي والتنظيمي له في المملكة.

2.   الإطار القانوني والتنظيمي لنظام الإفلاس السعودي: شمل ذلك شرحًا لأحكام النظام، الفئات المشمولة، والضوابط القانونية لتطبيقه، إلى جانب استعراض السوابق القضائية التي أرست معايير تفسيرية مهمة، لا سيما ما يتعلق بالممارسة الفعلية للنشاط التجاري كمحدد أساسي لانطباق النظام على الشخص الطبيعي.

3.   تحليل مقارن للأنظمة الدولية: تم تحليل أبرز ملامح التجارب الدولية الناجحة، مع بيان أوجه القوة في تلك النماذج، مثل التوازن بين مصالح الدائنين والمدينين، سرعة الإجراءات، وجودة الحوكمة القضائية، والتنظيم الفعّال للإفلاس العابر للحدود.

4.   رؤية مستقبلية لتطوير النظام السعودي: اقترحت الدراسة تصورًا لتطوير النظام المحلي بالاستفادة من التجارب الدولية، سواء من حيث التشريع أو آليات التنفيذ القضائي أو نظم إعادة الهيكلة الطوعية والوقائية.

نتائج وتوصيات:

  • ضرورة تعزيز الإطار المؤسسي لتطبيق نظام الإفلاس عبر دعم المحاكم المتخصصة وتدريب الكوادر القانونية.
  • تطوير نظام الإفلاس العابر للحدود في السعودية بما ينسجم مع المعايير الدولية.
  • تشجيع التسويات الوقائية وخطط إعادة الهيكلة كبدائل فعالة عن التصفية.
  • الاستفادة من نموذج (الدائرة الإيجابية) التي تحفز التمويل والاستثمار عبر بناء نظام إفلاس فعال وقابل للتنبؤ.

خاتمة

إن تطوير نظام الإفلاس السعودي يشكل خطوة جوهرية في مسار الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية، ويعزز من قدرة المملكة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق التوازن بين مرونة بيئة الأعمال والحماية القانونية للحقوق. وتأتي هذه الجهود متسقة مع الرؤية الاستراتيجية التي تسعى إلى جعل المملكة مركزًا ماليًا وتجاريًا عالميًا، معزّزًا بنظام قانوني عادل ومتطور.