بتاريخ 1 أكتوبر 2024 أصدرت محكمة استئناف باريس حكماً يتعلق بإجراءات التحكيم ومدى تأثير انتهاك مبدأ المواجهة على إنفاذ حكم تحكيمي أمام المحاكم الفرنسية. تناقش القضية مدى إمكانية رفض التصديق على حكم تحكيمي، إذا تم انتهاك هذا المبدأ أثناء سير الإجراءات التحكيمية.
الوقائع
في عام 2012، وبعد الثورة الليبية وفي إطار إعادة هيكلة وتطوير جهاز الشرطة القضائية للدولة، أبرمت شركة إيطالية تدعى Giacorosa خمسة عقود تجارية مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي. هذه العقود وما تبعها من تعديلات نُقلت لاحقًا إلى شركة تونسية تدعى Siba Plast. وبعد أن اعتبرت الشركة التونسية أن ليبيا لم تنفذ التزاماتها بموجب هذه العقود، بدأت إجراءات تحكيمية خاصة، انتهت بحكم ضد ليبيا بقيمة 280 مليون يورو، علمًا بأن ليبيا لم تشارك في تلك الإجراءات.
وفي عام 2017، حصلت Siba Plast على أمر تنفيذي لحكم التحكيم في فرنسا، ولكن ليبيا طعنت في الحكم أمام استئناف باريس في 2021 بعدما علمت بالإجراءات التنفيذية ضد أصولها، بما في ذلك حسابات مصرفية مملوكة لجهات حكومية ليبية.
وأثناء الاستئناف، دفعت ليبيا بوجود عدة مخالفات في تشكيل هيئة التحكيم وأنه تم انتهاك مبدأ المواجهة، والذي ينص على وجوب منح الأطراف فرصة متساوية لعرض دعواهم. وأكدت ليبيا أن هيئة التحكيم لم تبذل الجهود الكافية لإخطارها بالإجراءات أو إعطائها الوقت الكافي للمشاركة في الجلسات قبل إصدار الحكم الغيابي.
الحكم وأسانيده القانونية
خلصت المحكمة إلى أن ليبيا لم تُمنح الفرصة الكافية للتعبير عن موقفها أو ممارسة حقوقها أثناء الإجراءات التحكيمية، مما يشكل انتهاكًا صارخًا لمبدأ المواجهة. وبناءً على ذلك، قررت المحكمة إلغاء أمر التنفيذ استنادًا إلى هذا الأساس الوحيد؛ حيث أكدت محكمة استئناف باريس في حكمها على أهمية (مبدأ المواجهة)، مشددة على أن أي عنصر أساسي يستند إليه الحكم يجب أن يكون قد تمت مناقشته من قبل الأطراف. وركزت المحكمة على عدة نقاط رئيسية في هذه القضية، هي:
1. وجود اختلافات في عناوين البريد الإلكتروني المستخدمة في إرسال الإخطارات، بما في ذلك إخطار التحكيم وعملية تعيين المحكمين.
2. عدم وجود أدلة كافية تثبت أن ليبيا قد تلقت الوثائق المهمة المتعلقة بالتحكيم، مثل الدعوة لحضور الجلسات، ومحاضر الجلسات، والطلبات الجديدة التي قدمتها Siba Plast خلال الجلسات.
خاتمة
يسلط حكم محكمة استئناف باريس الضوء على الأهمية القصوى لضمان إبلاغ الأطراف بشكل صحيح وفعال طوال إجراءات التحكيم، خاصةً في حالة عدم مشاركة أحد الأطراف. كما يعد تذكيرًا بأن إنفاذ الأحكام التحكيمية، حتى تلك التي صدرت غيابيًا، يعتمد على احترام مبدأ المواجهة الذي يضمن حق الأطراف في الاطلاع والمشاركة وتقديم دفاعهم.
نقلاً عن: إيوانا نول تيودور (Ioana Knoll-Tudor)
محامية تحكيم دولي، وشريك بشركة أدليشو جودارد (Addleshaw Goddard)، والسكرتير العام لمؤسسة (Paris Arbitration Week(PAW))، ونائب رئيس نادي التحكيم الاسباني برومانيا (Club Espanol de Arbitraje (CEA) Romania)