بجلسة ١٠ سبتمبر ٢٠٢٤ صدر الحكم في قضية Dandara South East ضد Medway Preservation التي نظرتها المحكمة العليا الإنجليزية مؤخرًا حالة قانونية نادرة وفريدة من نوعها، إذ تطرح تساؤلات حول الفرق بين دور الخبير ودور المحكم في تسوية النزاعات التعاقدية.
يدور النزاع حول عقد بيع أرض بين الطرفين، والذي تضمن بندًا ينص على إحالة أي نزاع ينشأ بينهما إلى (خبير) ليقوم بدور الخبير وليس المحكم. كما منح العقد الاختصاص القضائي للمحاكم الإنجليزية في تنفيذ قرارات الخبير، مع تطبيق مبدأ الاستقلالية، الذي يقضي ببقاء بند تسوية المنازعات ساري المفعول حتى بعد إنهاء العقد الرئيسي.
ووفقًا للبند، يتعين على الخبير منح الطرفين الفرصة لتقديم مذكرات خطية وشفوية، والرد عليها قبل إصدار حكمه، الذي يجب أن يكون مسببًا. كما يكون قرار الخبير نهائيًا وملزمًا للطرفين، مع استثناءات محدودة فقط في حالات وجود خطأ واضح أو إغفال.
وتشير السوابق القضائية إلى أن مبدأ الاستقلالية لا ينطبق عادةً على بنود تعيين الخبراء، حيث لا تقصد الأطراف غالبًا أن تكون قرارات الخبير حلاً شاملاً للمنازعات. ولكن في هذه القضية، تم تصميم بند تعيين الخبير ليشمل أي نزاع يتعلق بالعقد أو يرتبط به، مما دفع المحكمة إلى استنتاج أن الأطراف كانت تنوي تسوية النزاعات بالكامل من خلال هذا البند. بناءً عليه، قررت المحكمة تطبيق مبدأ الاستقلالية، وبالتالي، بقي بند تعيين الخبير ساريًا حتى بعد إنهاء العقد الرئيسي، وحكمت في القضية بناءً على ذلك.
وما يزيد من تعقيد هذه القضية هو الاتفاق بين الطرفين في بند آخر على منح المحاكم الإنجليزية الاختصاص القضائي الحصري لتسوية أي نزاع أو مطالبة تتعلق بالعقد أو بتكوينه. وقد فسرت المحكمة هذا البند على أنه يمنحها الاختصاص القضائي لإنفاذ قرارات الخبير، مما أضاف بُعدًا إضافيًا إلى تفسير العقد.
وعادةً ما يكون الفرق بين التحكيم وتعيين الخبير واضحًا؛ فالخبراء غالبًا ما يُمنحون مهام محدودة، مثل تقييم الأصول أو المطالبات. ولكن في هذه القضية، منح الخبير سلطة واسعة في الفصل في النزاع، مما أدى إلى صعوبة التمييز بين دوره ودور المحكم. ومع ذلك، كانت نية الأطراف الواضحة في تجنب التحكيم التقليدي عاملاً حاسمًا في قرار المحكمة بتطبيق مبدأ استقلالية شرط التحكيم، وإحالة النزاع إلى الخبير.