فسخ عقود المقاولات
2024/10/27

عملية فسخ عقود المقاولات

فسخ عقد المقاولة هي عملية قانونية يتم فيها إنهاء العقد المبرم بين صاحب العمل والمقاول قبل إتمام الأعمال المتفق عليها بالكامل ويكون الفسخ راجعاً إلى أسباب عدة مثل عدم الالتزام بالشروط التعاقدية، تأخير تنفيذ المشروع، أو وجود مشاكل تتعلق بجودة العمل وغيرها من الأسباب التي لا حصر لها.

وتعتبر عملية الفسخ مسألة حساسة خاصة في مجال مقاولات البناء والإنشاءات، إذ تتطلب الالتزام بالشروط القانونية والتعاقدية لضمان حقوق جميع الأطراف المعنية. فإذا لم يُجرَ الفسخ بالشكل الصحيح المنصوص عليه في العقد، فقد ينجم عن ذلك نزاعات قانونية وخسائر مالية. لذا، من الضروري فهم الإجراءات القانونية المتعلقة بفسخ العقد وكيفية التعامل معها لضمان التوصل إلى حلول عادلة وتقليل الأضرار المحتملة.

ومن الحقوق التي أجازها القانون لرب العمل في حال تقصير المقاول عن قيامه بتنفيذ التزامه أن يتقدم بدعوى إلى القضاء (الفسخ القضائي) مطالباً فسخ العقد كجزاء لعدم تنفيذه التزامه أز تقصيره فيه وهي ذات الحقوق المقررة للمقاول في حال أخل رب العمل بالتزاماته، كما أجاز القانون الاتفاق (الفسخ الاتفاقي) على فسخ العقد بين المقاول ورب العمل دون اللجوء إلى القضاء وتتصل المسؤولية العقدية والفسخ بنفس النتيجة فكلاهما جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي.  


أسباب فسخ عقود المقاولات

فسخ العقد قد يكون راجعاً عادةً لرب العمل أو المقاول أو بناء على طلب أحد المتعاقدين بناء على أسباب عدة نذكر منها ما يلي:

1.      عدم تنفيذ المقاول الأعمال المتفق عليها: يعتبر تقاعس المقاول عن تنفيذ التزامه وأعماله المحددة في العقد من الأسباب الأساسية التي تؤدي برب العمل إلى فسح العقد فإذا لم يلتزم المقاول بالجدول الزمني المتفق عليه، قد يكون من الضروري فسخ العقد لحماية حقوق صاحب العمل وضمان استكمال المشروع وفقًا للمواصفات المطلوبة.

2.      التأخير في تسليم المشروع: يعد سببًا شائعًا لفسخ عقد المقاولة. عندما يتأخر المقاول في تنفيذ الأعمال وفقًا للمواعيد المحددة في العقد، قد يتسبب ذلك في تكبد صاحب العمل خسائر إضافية. وخاصة في حالات التأخير المتكرر أو غير المبرر، بالتالي يلجأ صاحب العمل إلى فسخ العقد والبحث عن بديل لتنفيذ المشروع في الوقت المحدد.

3.      جودة الأعمال غير مطابقة للمواصفات: ففي حال كانت المواصفات الفنية غير مطابقة لما هو متفق عليه في العقد فقد يؤدي ذلك إلى فسخ العقد. إذ أن أي تقصير في هذه المواصفات أو المعايير يمكن أن يضر بالمشروع ويجعل من الضروري البحث عن مقاول آخر.

4.      الخلافات المالية أو القانونية: تشمل هذه الخلافات التأخيرات في الدفع، أو مطالبات غير متفق عليها، أو مشكلات في التكاليف الإضافية.

5.      تغييرات شروط العقد أو تفاصيل المشروع: قد تطرأ تغييرات جوهرية في شروط العقد أو متطلبات المشروع بعد توقيع العقد. مثلاً تعديل النطاق، أو تعديل في التصميم، أو تغييرات في المواصفات التي تجعل من الصعب على المقاول الوفاء بالشروط الأصلية.

الشرط الفاسخ في عقد المقاولة: هو الشرط الذي بمجرد تحققه يعتبر العقد مفسوخاً تلقائياً دون الحاجة إلى حكم قضائي، ويشترط أن ينص على الشرط صراحة في العقد وأن يخل الطرف الآخر بالتزاماته. مثلاً: " يتفق المتعاقدين على أنه في حال إخلال المقاول بالتزاماته التعاقدية، يستطيع رب العمل فسخ العقد ". وتختلف آثار الشرط الفاسخ تبعاً لنوع الشرط الوارد في عقد المقاولة.


آثار فسخ عقود المقاولات

الآثار الناتجة عن فسخ عقود المقاولات

فسخ عقد المقاولة يعكس فهمًا جيدًا للتحديات والتأثيرات المحتملة على الأطراف المتعاقدة وعلى المشروع بأكمله. وسنوضح بعض النقاط الرئيسية التي يجب التركيز عليها:

1.      التأثيرات على الموردين والشركاء: يؤثر فسخ العقد بشكل كبير على الموردين والشركاء المتعلقين بالمشروع. قد يفقدون العقود والفرص المرتبطة بها، مما يؤثر على علاقات الأعمال ويقلل من فرصهم المستقبلية في المشاريع.

2.      الخسائر غير المباشرة: بعض الآثار قد لا تكون واضحة فورًا وقد تظهر على المدى الطويل. يشمل ذلك الخسائر غير المباشرة مثل فقدان الفرص التجارية أو تضرر السمعة، والتي قد تؤثر سلبًا على الشركات المعنية.

3.      تأثيرات على العمالة: يؤثر فسخ العقد على الموظفين العاملين في الشركات المتعاقدة. إذ ينتج عن ذلك فقدانهم الوظائف مما يؤثر على استقرار العمالة.

4.      النزاعات القانونية المحتملة: ينشأ عند فسخ العقد مسائل التعويضات المالية والالتزامات الأخرى. هذه النزاعات قد تستدعي إجراءات قانونية إضافية وتؤدي إلى تكاليف غير متوقعة.

5.      التأثير على التمويل: إذ يكون لفسخ العقد تأثير مباشر على التمويل المستخدم لتنفيذ المشروع. يمكن أن يتسبب التغيير في الظروف في صعوبات تمويلية ويؤثر على قدرة الأطراف على الحصول على تمويل للمشاريع المستقبلية.

6.      تأثيرات اقتصادية على المنطقة: ففي بعض الحالات، يكون لفسخ العقد تأثير اقتصادي ملحوظ على المنطقة المحلية، خصوصًا إذا كان المشروع يمثل جزءًا هامًا من النشاط الاقتصادي في المنطقة.

ومن ثم فإن فهم هذه النقاط يعزز الوعي بالآثار الشاملة لفسخ عقد المقاولة ويساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة وتقديم حلول فعالة للتعامل مع التحديات الناتجة عن فسخ عقد المقاولة.


أحكام قضائية عن فسخ عقود المقاولات

أولا: فسخ العقد بسبب عدم التزام المدعي عليه بالمدة المحددة، وفي ذلك فقد قررت محكمة الاستئناف السعودية، في القضية رقم (6733) بتاريخ 8/5/1442ه:

" أن تصرف المدعية بإنهاء العقد بين الطرفين وفسخه من قبلها قائم على أساس وسند صحيح، إذ يتضح ظاهرا عدم التزام المدعى عليها بالمدة المحددة في التعاقد، إذ أنه مضى منذ استلام المدعى عليها الموقع قرابة (٩٠%) من مدة التعاقد، بينما العمل المنفذ على أرض الواقع لا يتجاوز (١٥%) من مجمل الأعمال المتفق عليها، وذلك وفق تقريري الخبراء بقيمة الأعمال المنفذة، ووفق ما يظهر من تقسيم الدفعات في العقد بين الطرفين، كما يسند ذلك ما أشار له تقريري الخبيرين من العيوب التي تضمنها الأعمال المنفذة، ولا ينال من ذلك ما أشار له وكيل المدعى عليها بعدم انتهاء المدة، إذ العقد في المادة السادسة منه قرر لصاحب العمل إنهاء العقد إذا كان المقاول مستمر في انتهاك التزاماته، وأخفق في معالجة هذا الانتهاك بما يرضي صاحب العمل.."

ثانياً: فسخ العقد بسبب عدم استجابة المقاول لرب العمل، وفي ذلك قد قررت محكمة النقض المصرية، في الطعن رقم 9366 لسنة 79 قضائية، جلسة بتاريخ 24/1/2011.

" إن عقد المقاولة من العقود الواردة على العمل التي تستغرق مدة في تنفيذها وقد أعطت المادة 650 من القانون المدني لرب العمل الحق في مراقبة التنفيذ وأن ينذر المقاول بأن يعدل طريقته فإن لم يستجب كان لرب العمل أن يطلب فسخ العقد أو تكليف آخر بإنجاز العمل على نفقة المقاول كما نصت المادة 663 منه على حقه في أن يتحلل من العقد وأن يوقف التنفيذ قبل إتمامه ونصت المادة 651 على أن الضمان لمدة عشر سنوات".

ثالثاً: الفسخ وغرامة التأخير، وفي ذلك قضت محكمة تمييز دبي، في الطعن رقم (922) لسنة 2020 طعن تجاري، جلسة بتاريخ 4/11/2020.

"أن عقد المقاولة ينقضي بإنجاز العمل المتفق عليه أو بفسخ العقد رضاءً أو قضاءً، وأن مناط إلزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة هو أن يكون قد قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها ولكنه تأخر عن تسليمها إلى صاحب العمل عن الميعاد المحدد له، بما مؤداه أنه لا مجال لإلزام المقاول بغرامة التأخير إذا لم ينفذ أصلاً أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم ينفذ البعض الآخر".

رابعاً: آثار الفسخ بعد البدء بالتنفيذ، وفي ذلك وقضت محكمة تمييز دبي، في الطعن رقم (6) لسنة 2023 طعن تجاري جلسة بتاريخ 23/5/2023.

"أن المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد طرفيه بأن يصنع شيئا أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الأخر وهو من العقود المستمرة التي لا أثر للفسخ فيها على ما سبق تقديمه من أعمال، وأن مطالبه المقاول بمستحقاته عما قدمه من أعمال إنما هو تنفيذ لعقد المقاولة وليس أثراً من آثار الفسخ بحسبانه من عقود المدة أو العقود المستمرة التي تستعصي بطبيعتها على فكره الاثر الرجعى للفسخ بإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد.." وذلك لان الزمن في عقود المدة وما قدم من أعمال في العقود المستمرة مقصود لذاته باعتباره أحد عناصر المحل الذي ينعقد عليه العقد وأن التقابل بين الالتزامات فيه يتم على دفعات بحيث لا يمكن الرجوع فيما نفذ منه من أعمال فإذا فسخ العقد بعد البدء في تنفيذه فإن آثار العقد التي انتجها قبل الفسخ تظل قائمه ولا يعد العقد مفسوخا إلا من وقت تحقق وقوعه إما بتحقق الشرط الفاسخ الصريح أو باستحالة تنفيذه.."