في سياق التحكيم الدولي، تتعدد الأوجه القانونية التي قد تؤدي إلى تقديم طلبات إبطال حكم التحكيم، بما في ذلك رفض هيئة التحكيم لطلبات تقديم المستندات. وفي هذه القضية، التي نظرتها محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 18 سبتمبر 2024، تمحور النزاع بين شركة Green Network SPA الإيطالية وAlpiq السويسرية حول عقد لتوريد الكهرباء. وبعد الحكم لصالح Alpiq من قبل هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC)، قدمت Green Network طلبًا لإبطال الحكم أمام استئناف باريس، إلا أنها رفضت هذا الطلب، مما دفعها إلى إحالة القضية إلى محكمة النقض الفرنسية.
الوقائع
نشأ النزاع بين شركتي Green Network SPA الإيطالية وAlpiq السويسرية على خلفية عقد توريد الكهرباء. وبعد حدوث خلافات بين الطرفين، لجأت الشركتان إلى التحكيم أمام غرفة التجارة الدولية (ICC)، وأصدرت هيئة التحكيم حكمًا لصالح Alpiq.
فتقدمت Green Network بطلب لإبطال هذا الحكم أمام محكمة استئناف باريس، وادعت أن هيئة التحكيم رفضت طلبها إصدار أمر بتقديم مستندات ضرورية دون مبرر، مما حال دون توفير أدلة جوهرية لدفاعها، وهو ما شكل انتهاكًا لحقها في الدفاع العادل ويتعارض مع النظام العام الدولي. وعندما رفضت استئناف باريس الطعن، طعنت Green Network في حكم الاستئناف أمام محكمة النقض الفرنسية استنادًا إلى عدة حجج، منها أن محكمة الاستئناف استبعدت بعض الأدلة بشكل غير مبرر، مما يعد انتهاكًا لمبدأ عدم التناقض.
حكم محكمة النقض وأسانيده القانونية
رفضت المحكمة الطعن وأكدت أن حكم استئناف باريس باستبعاد بعض المستندات استند إلى تقديم Green Network لها بعد فوات الأوان، وتحديدًا بعد أكثر من ثلاث سنوات من تقديم مستنداتها الأولية، وقبل انتهاء إجراءات الإبطال بوقتٍ قصير، كان صحيحاً ويتفق مع صلاحياتها القانونية.
أما فيما يخص طلب إبطال حكم التحكيم استنادًا إلى رفض هيئة التحكيم إصدار أمر تقديم المستندات، فقد رأت محكمة النقض أن القاضي الذي ينظر في طلب الإبطال لا يملك سلطة مراجعة قرار هيئة التحكيم بخصوص مدى أهمية تقديم المستندات. وأوضحت المحكمة أن ممارسة هيئة التحكيم لسلطتها التقديرية في قبول أو رفض طلب تقديم مستندات لا يمثل انتهاكًا لحقوق الدفاع، خاصةً وأن Green Network أُتيحت لها الفرصة لمناقشة رفض طلبها قبل غلق باب المرافعات. وبذلك رفضت المحكمة الادعاء بوجود انتهاك للنظام العام الدولي أو لحقوق الدفاع.
خاتمة
تشير هذه القضية إلى أن رفض هيئة التحكيم لطلبات تقديم المستندات لا يعد بحد ذاته سببًا كافيًا لإبطال حكم التحكيم. وتعزز هذه القضية مبدأ استقلالية هيئة التحكيم في إدارة إجراءات التحكيم، بما في ذلك قرارات تقديم المستندات. وبشكل عملي، تؤكد هذه القضية على أن هيئة التحكيم لديها سلطة تقديرية في رفض طلبات الأطراف، بشرط أن تسبيب قرارها وإتاحة الفرصة لهم لإبداء دعواهم.
نقلاً عن: إيوانا نول تيودور (Ioana Knoll-Tudor)
محامية تحكيم دولي، وشريك بشركة أدليشو جودارد (Addleshaw Goddard)، والسكرتير العام لمؤسسة (Paris Arbitration Week(PAW))، ونائب رئيس نادي التحكيم الاسباني برومانيا (Club Espanol de Arbitraje (CEA) Romania)
لتحميل الحكم