مهارات الاستدلال القانوني
2022/07/28

 يجب على كل من يدرس القانون أو يعمل في صرح من صروحه أن يكون مطلعاً علي العلوم الاجتماعية الأخرى، نظراً للصلات الوثيقة، والتأثير المتبادل بين القانون وتلك العلوم. والباحث في مجال القانون يجب أن يملك مهارات خاصة تقتضيها طبيعة العمل القانوني والقضائي، ويتطلبها إجراء البحوث العلمية، وكتابة المذكرات القانونية، والخطابة القانونية.

ويمكن القول بأن مثلث المعرفة الأساسي الذي يجب أن يحوزه كل من يشتغل في مجال من مجالات القانون يتمثل أساسا في العلوم القانونية، والتي تشكل قاعدة المثلث، واللغة، والمنطق ضلعاه. وبيان ذلك أن القانون يصاغ باللغة، وهو يعبر عن قيم المجتمع، ويحمي مصالحه، ويعبر عن آماله وتطلعاته. والمنطق يضبط الفكر القانوني ويصونه من الزلل ، ويحميه من الوقوع في الخطأ.

في حين يري الفقيه Sharon Hanson [1] أن دارس القانون يجب أن يتمتع بالمهارات التالية:

1-  التمكن من اللغة.

2-  الأحاطة بالعلوم الاجتماعية الأخرى ذات الصلة بالقانون، مصداقا للمقولة الشائعة بأن التمكن من القانون يكون بالإبحار خارجه.

3-  القدرة على تشييد الحجج وتقييمها

كما يرى الفقيه Yerzy Stelmach [2] أن رجل القانون يجب أن يكون ملماً بالموضوعات التالية-

1-  المنطق Logic                        

2-  التحليل Analysis

3-  المحاجة Argumentation        

4-  التأويل Hermeneuti

[1] Sharon Hanson – Legal Methods & Reasoning Gavendush Pullshing Limited, London, 2003, p1.

[2] Yerzy Stelmach, Bartosz – Methods of legal Reasning-Springer – 2006 – P14.

1- التمكن من اللغة

كما أن الفكر القانوني لا يظهر إلي الوجود إلا من خلال اللغة، التي هي القالب الذي ينصب فيه التفكير القانوني، ومن خلال اللغة يتم الإعلان عنه ونشره ، ليصل علمه إلي الناس. كما أن القانون لا يبلغ غاياته إلا إذا كان خالياً مما يشوبه من عيوب وما يكتنفه من تناقض وغموض، فالمنطق يرشد المشرع إلي ما يجب أن يكون عليه تفكيره عند وضع التشريعات، سواء من حيث صياغتها أو مادتها.

وعلي ذلك يجب أن يكون رجل القانون [1] ملماً بأمور اللغة العربية نحواً، وصرفاً وبياناً. كما يجب أن يحوز علي حصيلة وفيرة من المصطلحات القانونية والمفردات اللغوية، وكذلك معرفة تراكيب الجمل، والإلمام بدلالات الألفاظ، ومعاني الكلمات، لفهم ما يقرأ، وصحة ما يكتب، وأن علوم اللغة هي أساس العلوم القانونية، لأن التشريع والأحكام والمرافعات تتم بها، وأن القانون تحول إلي ما يمكن أن يسمي بعلم اللغة [2]

كما تبدو أهمية اللغة في أن القصور أو الجهل في العلوم الاجتماعية الأخرى، يمكن أن يخفيه أو يعوضه التمكن من اللغة. ومن ناحية أخري فإن غزارة المعلومات القانونية وتنوعها تصبح عديمة الفائدة إذا لم يستطع الباحث التعبير عنها وإظهارها، مما يحول دون الإستفادة منها في تأسيس حججه، وتشييد دفاعه.

[1]   هذه المهارات يجب أن تتوافر في كل من يدرس أو يشتغل القانون: قاضيا، أو طالبا، أو باحثا، وسنكتفي بالإشارة إلي المحامي، بإعتبار أن تفكيره – كما يجب أن يكون – هو التفكير النموذجي لرجل القانون، كما أن يمارس – أثناء عمله – كل أنواع التفكير، أن كل قضيه يباشرها هي بمثابة بحث عملي.

[2] محمد نور فرحات – الفكر القانوني والواقع الاجتماعي – دار الثقافة – القاهره 1981 – ص 722 ويتحدث ثورمان أرنولد عن سيطرة الألفاظ علي الناس وخضوعهم لها خضوعا يشبه الرق والعبودية مشاراً إليه لدي إبراهيم أنيس – دلالة الألفاظ – ط 5 – سنه 1984 – مكتبة الأنجلو المصرية – ص9

2- المنطق

كما أن المنطق يلي اللغة من حيث الأهمية والتأثير الإيجابي بالنسبة لرجل القانون، لأن هناك ارتباط متين، وعلاقة وثيقة بين القانون والمنطق، وذلك في جميع المراحل التي يمر بها القانون، سواء عند صياغته أو تفسيره، أو عند تطبيقه وتنفيذه. كما أن الحكم القضائي هو نتيجة استدلال منطقي[1]. بالإضافة إلي أن المنطق يزود الإنسان بقوانين الفكر الأساسية، ويعصمه من الوقوع في الخطأ، لأنه يعني بالبحث فيما ينبغي أن يكون عليه التفكير السليم [2]

كما أن موضوع المنطق الأساسي هو: المعرف والحجة. وبالنسبة للموضوع الأول وهو المعرف، فنجد أن القانون يزخر بكثير من المصطلحات القانونية، وأن الاختلاف حول مفهوم مصطلح يمكن أن يؤدي إلي الإخلال بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، لذلك يجب أن يحتل التعريف في القانون أهمية متزايدة، لأن الأمر يتعلق بالمساواة وتكافؤ الفرص، والمساس بحقوق الأفراد وحرياتهم.

 أما الحجة فهي عبارة عن المعلوم التصديقي، وتتباين الحجج من حيث مراتبها وأصنافها، كما تختلف من حيث أغراضها وأهدافها. وهي في الأساس تهدف إلي الإثبات والإقناع، ولكنها قد ترمي إلي الخداع والتضليل من خلال المغالطات والأباطيل، وفي جميع الحالات يجب علي الشخص أن يتسلح بأدوات كشف المغالطات من خلال عملية تقييم الاستدلال غير الصوري. ومفهوم الحجة في المنطق لا يختلف عن مفهومها في القانون، فهي ما يراد به إثبات أمر أو نقضه ، وهي مباشرة وغير مباشرة [3]، ولكن يتم تناولها في القانون تحت اسم طرق وسائل الإثبات. مما يقتضي التعرف على الحجج وكيفية تشييدها.

[1] حسن بسيوني – منهجية العمل القضائي – بدون ناشر – سنه 2000 م – ص – ٤٦

[2]   يحيي هويدي – ماهو علم المنطق ؟ = دراسة نقدية للفلسفة الوضعية المنطقية – مكتبة النهضة العربية – ط 1 سنه 1966 – ص 11

[3]   المعجم الفلسفي – مجمع اللغة العربية – العيئة العامة لشئون المطابع الأميرية – القاهره 1983 – تحت كلمة حجة – رقم 388 – ص 67

ويعرف الحجة Argument  بأنها ما يراد به أثبات أمر أو نقضه ، وهي أنواع : مباشرة وغير مباشرة ، ومنها المحاجة Argumentation  ، التي يراد بها طرية تقديم الحجج والإفادة منها ، أو الحجاج الذي يقوم علي جمع الحجج لأثبات رأي أو إبطاله.

3- المجادلة القانونية

كما يجب أن يتحلي المحامي بالقدرة على المحاجة القانونية Legal argumentation، لتأييد الآراء الصحيحة ومناصرة الحقوق المشروعة، وكذلك القدرة على تنفيذ الآراء الزائفة ودحض الأدلة الباطلة. والحجاج ليس هو المحامي فحسب ، وإنما كل من يتناول الرأي والرأي الآخر تأييداً وتنفيداً.

4- المرافعة والخطاب الإقناعي

 كما تعد البلاغة الجديدة أو الخطاب الإقناعي من المهارات التي يجب توافرها في رجل القانون، لأن من خلال هذه المهارة يستطيع استمالة القارئ أو المستمع إليه ، وكذلك إقناع القاضي بدفاعه ، وبصحة تصويره للوقائع والأحداث ، حتي يصدر الحكم القضائي لصالح موكله ، وأن البلاغة الجديدة New rhetoric  ، لا يقتصر استخدامها علي الخطاب الشفههي ، والمرافعات القضائية. فهذه المهارة يجب توافرها كذلك في الكتابة القانونية.

5- التفسير والتأويل

كما أن القدرة علي التفسير، ومعرفة قواعد التأوييل من المهارات التي لا غني عن توافرها في المحامي. والتفسير لا يقتصر علي توضيح النصوص التشريعية فقط، وإنما يرد كذلك علي كل ما هو مكتوب وغير مكتوب، سواء في شكل نصوص تشريعية، أو بنود اتفاقية، أو قواعد عرفية، أو مذكرات وأحكام قضائية، لأن التفسيير بمعناه الواسع هو الإبانة والفهم والتوضيح، فالقدرة علي التفسيير بأنواعه المختلفة، اللفظي والمنطقي من المهارات الأساسية الواجب توافرها في رجل القانون.

شهادة الملكات القانونية

انضم للمشاركين في شهادة الملكات القانونية واحترف مهارات

  • لتحليل القانوني.
  • مهارات التكييف القانوني السليم.
  • استخلاص الوقائع استخلاصاً صائغاً.
  • طرق استخلاص وبناء الأدلة.
  • أدوات كشف الحيل والمغالطات.
  • تفنيد الآراء الزائفة ودحض الأدلة الباطلة.
  • تحديد القواعد القانونية واجبة التطبيق.
  • إنزال حكم القانون على وقائع الدعوي.
  • قواعد التأويل.
  • مهارات التفسير اللفظي والمنطقي.

سجل الان في شهادة الملكات القانونية