استراتيجيات إدارة مطالبات مشاريع التشييد
2024/04/22

يدرك المشاركون في المشروع أن تسوية منازعات البناء يمكن أن تكون مكلفة للغاية، لذا إنهم يسعون في كثير من الأحيان إلى إنهاء المنازعات في وقت مبكر، أو التخفيف منها أثناء المشروع، أو تجنبها تمامًا. ويحدد القسم التالي استراتيجيات لتجنب وتخفيف وتسوية منازعات البناء في المشاريع.

أولاً: تجنب المنازعات (Avoiding)

تصور أنك تقود على الطريق السريع، وأثناء القيادة لاحظت لافتة تحذير تومض: احذر! منعطف خطر. بالتأكيد سيقوم معظم السائقين على الفور بتخفيف السرعة والانتباه إلى الطريق وتعديل قيادتهم وفقًا لذلك. إن معرفة المخاطر القادمة تمكن الجميع من التخفيف من أثر العواقب غير المرغوب فيها التي تسببها هذه المخاطر أو ربما تجنبها تمامًا.

وينطبق الأمر نفسه على المصممين والمقاولين/ المقاولين من الباطن أو الفرعيين/ الموردين والاستشاريين العاملين في قطاع الإنشاءات. وتشير المعلومات الواردة في لافتات التحذير بوضوح إلى وجود مخاطر قادمة بسبب نقص القوى العاملة والتضخم والركود وارتفاع تكاليف الطاقة والمواد والمعدات واختلالات سلسلة التوريد، وتلفت لافتة التحذير الانتباه إلى مخاوف إضافية وشيكة بشأن أزمة مصرفية محتملة وانهيار سوق العقارات التجارية. وفي حين تبدو هذه التحديات شاقة، إلا أن هناك أيضًا رياح مواتية قوية؛ إذ يظل قطاع البنية التحتية قويًا مع التمويل حكومي الوفير الذي يدعم العديد من برامج رأس المال في القطاع العام.

ويميل القليل إلى الوقوف والمشاهدة. فكيف يمضي الملاك والمصممون والمقاولون قدما في ظل هذه الظروف الخطيرة؟

لتقليل احتمال التعرض للمسئولية عن الزيادات غير المتوقعة في التكاليف، يطبق المشاركون استراتيجيات تسعير تتضمن بنود احتياطية وقيود/تحفظات محددة في عروض الأسعار لتوضيح المخاطر التي يشملها عرض السعر والمخاطر التي لا يشملها.

وتتضمن الحماية الإضافية بنود تعديل الأسعار في العقود والتي يتم ربطها بمعايير تكلفة معترف بها. وبمجرد التوصل إلى اتفاق بشأن الأسعار، يقلل المشاركون من المخاطر بشكل أكبر من خلال الشراء المبكر.

كما رد المشاركون أيضًا على إجراءات تستهدف التحديات التي نواجهها في المستقبل القريب. لضمان قوة عاملة مؤهلة ومتاحة، قام العديد من المشاركين بتوسيع نطاق التوظيف وتطوير مسارات مهنية تلبي احتياجات وتوقعات القوى العاملة الحالية. كما يدرك المشاركون أهمية خلق ثقافة مكان عمل شامل تتوافق أيضًا مع توقعات الجيل الجديد من العمال؛ إذ أن توقع توفر القوى العاملة لصناعة التشييد يسير في الاتجاه الخاطئ، ويجب اتخاذ إجراءات جادة سريعة لتجنب النقص الكارثي في المستقبل.

وأمام هذه التحديات الراهنة والمستقبلية، أشار المشاركون أيضًا إلى أن وقوع المطالبات والمنازعات في المشاريع يستمر في الازدياد، على أساس سنوي، ويتوقعون زيادة عدد المنازعات في عام 2023. وليس من المستغرب أن يكون المشاركون قد تصرفوا بناءً على هذه التوقعات من خلال تحديد إدارة المخاطر ومراجعة العقود والمواصفات ومراجعة قابلية البناء على أنها أكثر تقنيات تجنب المطالبات فعالية. إذ يتم التعامل مباشرة مع أحد الأسباب الرئيسية الدائمة للمطالبات، وهي الأخطاء والإغفالات في العقود، من خلال المراجعات ما قبل التعاقد التي تركز على وضوح ونية بنود العقد وأحكامه، بالإضافة إلى المراجعات الفنية لوثائق التصميم للتأكيد على الاكتمال والوضوح. وفي حين أن توقع وجود مجموعة مثالية من العقود قد يكون غير واقعي، إلا أن المطالبات المحتملة التي يمكن تجنبها من خلال عملية تدقيق مناسبة تستحق كل هذا العناء.

إن أكثر الطرق تفضيلاً لتجنب المطالبات هي إدارة المخاطر، وهو أمر مفهوم تماماً؛ إذ تهدف إدارة المخاطر تحديد وتقدير المخاطر التي يُحتمل أن تؤثر على الجدول الزمني للمشروع وتكلفته. وذلك من خلال تحديد هذه المخاطر مقدماً وقبل التصميم النهائي والإنشاء، يمكن تطوير وتنفيذ إجراءات التخفيف والحلول الأخرى للحد من هذه الآثار المحتملة أو تجنبها تماماً. ويميل الملاك إلى الاستثمار القائم على فكرة أن الوقاية خير من العلاج لتجنب المطالبات أو تقليلها كإستراتيجية أساسية.

ثانياً: التخفيف (Metigation)

هنا أنت لم تلاحظ لافتة التحذير بشأن المخاطر التي تنتظرك، وقد فقدت السيطرة على سيارتك وتتجه نحو حادث مريع. وبما أنك لم تعد تستطيع تجنب الحادث، فإن الخيار الأفضل التالي هو تخفيفه وضمان حدوث أقل ضرر ممكن.

المشاريع الإنشائية تكون غالباً عرضة بنفس القدر لتفويت العلامات التحذيرية، خاصة عندما تكون هذه العلامات غير واضحة، لتجد نفسها محاطة بالتأخير وظروف التعطل التي بدأت تؤثر بالفعل على التقدم والتكاليف.

وعادة ما يتم إدراك المخاطر التي تدفع إلى الحاجة إلى التخفيف كمخاطر محققة، وبالتالي تكون المشاريع بالفعل في حالة تأخير، وبما أن الوقت هو مورد غير متجدد، فإن أهم ما يمكن فعله هو حسن استغلال الوقت المتبقي في المشروع لتعويض الوقت الضائع. وهذه الحاجة إلى التخفيف تزيد من دور استخدام تقنيات التحسين الاستباقي إلى دور مهم للغاية خلال المشروع.

لقد فاجأ الارتفاع الأخير في التأخيرات المرتبطة بسلسلة التوريد العديد من أصحاب المصلحة، مما استلزم إجراء تغييرات في عمليات الشراء من نهج المخزون حسب الطلب إلى بناء مستوى معين من المخزون لمعالجة هذه المشكلات. ومع ذلك، كان مدى تأخيرات سلسلة التوريد أكبر مما كان متوقعًا ولا يزال مؤثراً على العديد من قطاعات الصناعة، حيث يظهر ذلك في المطالبات إذا لم يتم التخفيف منه. وعند الجمع بين هذه الظروف غير المعتادة والتحديات الإنتاجية المعتادة التي يواجهها معظم المتعاقدين، فهناك عاصفة كاملة من التأخيرات التي تمهد الطريق للمطالبات. وقد حدد المشاركون هذا التقلب في السوق وأشاروا إلى تأثيراته على الجدول الزمني، ولكن تؤدي تأخيرات المشتريات في سلسلة التوريد أيضًا إلى زيادة مخاطر زيادة التكاليف، والتي يتطلب حلها تخصيصًا حذرًا ومعقولًا للمخاطر.

لحسن الحظ، تتوفر مجموعة واسعة من الأساليب والتقنيات لتخفيف التأخير خلال تنفيذ المشروع والتي يمكن تطبيقها دون تكبد تكلفة إضافية أو بتكلفة قليلة. ويساهم ذلك في تحسين الأداء من خلال رفع الإنتاجية، والتقديرات الزمنية الأكثر دقة، واستغلال الاتجاهات الإيجابية السابقة، وتحسين جودة الجدولة، وتسريع مسارات الشبكات المنطقية، ونقل نطاق العمل إلى ظروف محكومة مع البناء خارج الموقع، وهندسة قيمة قابلة للبناء بشكل جيد، جميعها يساهم أيضاً في التخفيف العملي للجدول الزمني بهدف اختصار مدة المشروع المتبقية. كما تسير هذه الجهود جنبًا إلى جنب مع المتطلبات التعاقدية النموذجية التي تلزم المقاولين بتقليل التأخير بغض النظر عن مصدره.

ويقلل تعزيز إجراءات استقطاب المقاولين من تأثير مشكلات سلسلة التوريد؛ إذ يتطلع المشاركون إلى تحويل أساليب تسليم المشاريع إلى أساليب المسار السريع لتحقيق هذا الاشتباك المبكر مع المقاول. ويمكن أيضًا استخدام أساليب المسار السريع لإجراء تعديلات أثناء تنفيذ المشروع، مما يقلل من التحديات الناجمة عن توفر الموارد التي حددها المشاركون في الاستطلاع على أنها تهديد متزايد حالي ومستقبلي، والذي لا يتفاقم إلا بسبب زيادة التمويل الحكومي المتاح.

وعلى الرغم من عدم تصنيف اختلاف ظروف الموقع ضمن أهم سببين للمنازعات منذ عام 2014، إلا أن الأخطاء والإغفالات كانت من بين الأسباب الرئيسية السبعة خلال التسعة تقارير الأخيرة حول المنازعات. وترتبط ظروف الموقع المختلفة من النوع الأول بالظروف التي تختلف اختلافًا جوهريًا عن العقد، والتي ربما تكون غير واضحة بسبب انتشار الأخطاء والإغفالات. وقد تشير ظروف الموقع التي تختلف عن العقد إلى الحاجة إلى إجراء تحقيقات ميدانية أفضل، وهو ما يتحدث عن المكانة الرفيعة لإدارة المخاطر في التعامل مع المطالبات.

وقد أشار المشاركون هذا العام إلى أن إدارة المخاطر هي النهج المفضل الأول لتجنب المطالبات. فغالبًا ما تركز إدارة المخاطر على المخاطر أو التهديدات السلبية، بينما يركز تخفيف المطالبات بشكل أكبر على المخاطر الإيجابية، أو الفرص، لتقليل التأخير والكمية والنتيجة. وقد علق المشاركون بشكلٍ خاص على التوتر في الصناعة بشأن أفضل السبل للتعامل مع هذه التأثيرات، ويساعد التخفيف باستخدام فرص تحسين الجدول الزمني على بناء ثقافة تعاونية وتقليل تلك التوترات.

إن تنفيذ إدارة المخاطر الإيجابية لتحديد الفرص والاستفادة منها هو عملية تحسين مستمرة للأداء تحقق عوائد كبيرة على الاستثمار.

ثالثاً: الحل (Resolving)


لنفترض أنك تعرضت للحادث بالفعل. ولم يصب أحد بأذى، ولكن عليك الآن طلب المساعدة، وفحص التلفيات وإصلاحها. تمامًا كما هو الحال في مشروعات التشييد، حيث يوجد أصحاب مصلحة متعددون مشاركين.

يعتمد الحل الناجح على عملية مدروسة وهيكلية جيدة يعمل فيها جميع الأطراف المعنية معًا.

كما أكد استطلاعنا على مدار سنوات عديدة، فلا عجب أن يرغب معظم المشاركين في المشروع في حل المنازعات مبكرًا. وعادةً ما يعني الحل المبكر نتيجة تحدث قبل الإجراءات الرسمية التي يتم تحقيقها في مدة زمنية أقصر. إذ تغير التكنولوجيا بسرعة من كيفية تنفيذ مشاريع البناء. وهو مالا يختلف عن الكيفية الحالية لحل المنازعات؛ إذ يمكن حالياً تسريع تحليل الآلاف من المستندات باستخدام البرامج التي أصبحت أكثر شيوعًا وأكثر تقدمًا في وظائفها. وهو ما يُمكن المشاركون الذين يستفيدون من هذه الأدوات من فهم نقاط القوة والضعف في مواقفهم بشكل أكثر كفاءة مما يسهل التسوية المبكرة.

وعلى مدار العام الماضي، ارتفعت القيمة المتوسطة المنازعات  بشكل كبير من 30.1 مليون دولار إلى 42.8 مليون دولار، بنسبة 42٪. وهو أعلى رقم يتم تسجيله على مدار الثلاثة عشر عامًا التي تم فيها إعداد تقرير ARCADIS لمنازعات البناء. بالإضافة إلى ذلك، لا يتوقع المشاركون انخفاض المنازعات العام المقبل. فمع استمرار مشاريع البناء في الاتساع والتعقد، فإن العديد من المنازعات تشمل أصحاب مصلحة متعددين. إن العملية المدروسة جيدًا والتي يتم تحديدها في العقد هي الخطوة الأولى لحل النزاع بنجاح. كما أنه من الضروري أن يكون المشاركون في المشروع مسؤولين عن التزاماتهم التعاقدية الخاصة بهم مثل جودة التصميم. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المقاول تحمل مسؤولية أدائه الخاص، وتقديم الأضرار الفعلية التي تتوافق مع متطلبات العقد.

كانت الأسباب الثلاثة الرئيسية للنزاعات في عام 2022 هي:

  •  أخطاء و/أو إغفالات في العقد
  •  تقصير صاحب العمل/ المقاول/ من الباطن في فهم و/أو الامتثال للالتزامات التعاقدية
  •  مطالب صيغت بشكل سئ أو غير مكتملة وغير مدعومة.

المؤتمر العربي السادس لعقود الفيديك

أنضم للمشاركين في مؤتمر الفيديك السادس، واطلع على مستجدات الفيديك وافضل الممارسات في تسوية منازعات التشييد والبناء