حجية تقرير الخبير في الإثبات
المحامي وليد عثمان

المحامي وليد عثمان

شريك مؤسس شورى للمحاماة والتحكيم رئيس الاكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم .
2022/05/30

ما هو تقرير الخبير

هو عنصر من عناصر الإثبات الواقعية، والذي يتضمن رأي الخبير الذي انتهى إليه مشفوعاً بالأسانيد المؤيدة بشكل موجز ودقيق، وتعتبر الخبرة أحد وسائل الإثبات، التي يستعين بها القاضي في المسائل الفنية البحتة، التي تقصر معارفه العامة عن الإلمام بها.

مدى حجية تقرير الخبير في الإثبات وفقاً للقانون المصري

نصت المادة ١٥٦ من قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية المصري في تعبير صريح على أن " رأي الخبير لا يقيد المحكمة"، ويتضح من النص أن المحكمة غير مقيدة برأي الخبير، ولها أن تأخذ به أو ببعضه أو تطرحه كليةً، ولكن إذا طرحته لابد أن تبين سبب ذلك، وأن يكون لذلك أصل ثابت بالأوراق.

وقد تواترت أحكام محكمة النقض المصرية على أن " لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تقدير ما يدلى به الخبراء من آراء، وأنها الخبير الأعلى في الأخذ بما انتهى إليه الخبير في تقريره محمولاً على أسبابه أو لأسباب أخرى تستنبطها من أوراق الدعوى ومستنداتها وما طُرح فيها من قرائن كما أن لها أن تأخذ ببعضه دون البعض الآخر.

ولكن إذا أخذ ببعض ما ورد بتقرير الخبير لابد أن يبين سبب ذلك؛ وقد قضي بأن " إذا كان الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الموضوع بعجز المطعون ضده عن إثبات دعواه وأن الخبير قد أثبت أنه لم يقدم الإيصالات الدالة على السداد، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ويقسطه حقه بالبحث والتمحيص واكتفى بتقرير الخبير الذي أخذ ببعضه رغم عدم مواجهته دفاع الطاعن - بصفته - الجوهري بما لا يصلح رداً عليه فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله بما يوجب نقضه [1]

وأيضاً إذا أطرحت المحكمة تقرير الخبير ولم تعتمد عليه في حكمها، لابد وأن تبين سبب ذلك وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور المبطل، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه " إن كان من المقرر أن المحكمة غير مقيدة برأي الخبير المنتدب في الدعوى إذ لا يعدو أن يكون هذا الرأي عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها ، إلا أنه إذا كان تقرير الخبير قد استولى على حجج تؤيدها الأدلة و القرائن الثابتة بالأوراق ، وكانت المحكمة قد أطرحت النتيجة التي انتهى إليها التقرير وذهبت بما لها من سلطة التقدير الموضوعية إلى نتيجة مخالفة وجب عليها وهي تباشر هذه السلطة أن تتناول في أسباب حكمها الرد على ما جاء بالتقرير من حجج، وأن تقيم قضاءها على أدلة صحيحة سائغة من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا تخالف الثابت بالأوراق [2].

كما قضت بأنه " إذ كان ذلك ، وكانت الطاعنة قد تمسكت بدفاعها أمام محكمة الاستئناف باكتسابها ملكية عين التداعي بوضع اليد المدة الطويلة منذ تاريخ شرائها في ١١ / ٨ / ١٩٩٢ وحتى تاريخ استيلاء المطعون ضده عليها دون وجه حق بتاريخ ١٣ / ٣ / ٢٠١١ وهو ما أثبته خبير الدعوى المنتدب بتقريره إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدعوى تأسيساً على أن الطاعنة لم تقدم ما يفيد ملكيتها لعين التداعي، وأعرض بذلك عن دفاعها سالف الذكر ، ايرادا له أو رداً عليه - رغم جوهريته – إذ لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يعيبه بالقصور المبطل .[3]

وللمحكمة أن توازن بين آراء الخبراء المختلفة حيث قضي بأن "تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون عليه هو مما يستقل به قاضى الموضوع ولا تثريب عليه إذا استعان في ذلك بالمضاهاة التي يجريها بنفسه ولا يمنع من إجرائه لها أن يكون قد رأى من قبل ندب خبير أو أكثر للقيام بها لأن القاضي هو الخبير الأعلى فيما يتعلق بوقائع الدعوى المطروحة عليه وله أن يسعى بنفسه لجلاء وجه الحق فيما اختلف فيه الخبراء لأن تقاريرهم لا تعدو أن تكون من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديره [4]

[1] محكمة النقض المصرية، الدائرة المدنية، الطعن رقم ٤٨٨٦ لسنة ٨١ قضائية، جلسة ١ سبتمبر ٢٠٢١.

[2] محكمة النقض المصرية، الدائرة المدنية، الطعن رقم ٦٣٩ لسنة ٤٩ قضائية، جلسة ٣٠ إبريل ١٩٨٤، مكتب فني سنة ٣٥، قاعدة ٢٢١، ص ١١٥٦.

[3] محكمة النقض المصرية، الدائرة المدنية، الطعن رقم ٤٤٧ لسنة ٨٥ قضائية، جلسة ٢١ فبراير ٢٠٢١.

[4] محكمة النقض المصرية، الدائرة المدنية، الطعن رقم ٤٤٩ لسنة ٣٤ قضائية، جلسة ٧ نوفمبر ١٩٦٨، مكتب فنى سنة ١٩، قاعدة ١٩٨، صفحة ١٣٠٧.

مدى حجية تقرير الخبير في الإثبات وفقاً للقانون الإمارات العربية المتحدة

تنص المادة رقم ٩٠ من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1992 بشأن إصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية على أن "

رأي الخبير لا يقيد المحكمة.

وإذا حكمت المحكمة خلافاً لرأي الخبير بينت في حكمها الأسباب التي أدت بها إلى عدم الأخذ بهذا الرأي كله أو بعضه.

وقد قضت محكمة التمييز بدبي بأن " من المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها تقديما صحيحاً والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها

 كما أن لها السلطة التامة في تقدير عمل أهل الخبرة متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها ويتفق مع ما ارتأته أنه وجه الحق في الدعوى طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق ومؤدية إلى النتيجة التي توصل إليها الخبير وهي غير ملزمة من بعد بأن ترد بأسباب خاصة على ما أبداه الخصم من مطاعن واعتراضات على تقرير الخبرة لأن في أخذها بهذا التقرير محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة التقرير مما لا يستحق الرد بأكثر مما تضمنه التقرير كما لا تلتزم بإجابة طلب الخصم بندب خبير أخر طالما وجدت في أوراق الدعوى ما يغنيها عن ذلك وما يكفي لتكوين عقيدتها بشأن المسألة المطلوب فيها إعادة المأمورية للخبير لبحثها"[1]

تقدير رأي الخبير الاستشاري

المقرر أن الخبير الاستشاري وان لم يكن خبيرا منتديا من المحكمة وفقأ للنصوص الواردة في الباب الثامن من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية وان التقرير الذي يقدمه أحد الخصوم في الدعوى لا يعتبر خبرة قضائية الا انه يعتبر قرينة واقعية ولذلك يحق للمحكمة الاستئناس به في نطاق سلطتها الموضوعية في تقدير الوقائع وتقويم البينات المطروحة أمامها طالما اقامت قضاءها على أسباب سائغة [2]

[1]  محكمة التمييز بدبي، الدائرة المدنية، الطعــن رقــم 3 لسنة ٢٠٢٢، جلسة ٣ مارس ٢٠٢٢.

[2]  محكمة التمييز بدبي، الدائرة المدنية، الطعن رقم ٢٩ لسنة ٢٠٢٢، جلسة ١٠ مارس ٢٠٢٢.

مدى حجية تقرير الخبير في الإثبات وفقاً للنظام بالمملكة العربية السعودية

المقرر نظاماً أن رأي الخبير علي يقيد المحكمة، وإذا لم تأخذ المحكمة به كله أو بعضه بينت أسباب ذلك في حكمها. مالم يتفق الخصوم على قبول نتيجة تقرير الخبير. [1]

كما جاز للمحكمة الاستناد إلى تقرير خبير مقدم في دعوى أخرى عوضاً عن الاستعانة بخبير في الدعوى، وذلك دون إخلال بحق الخصوم في مناقشة ما ورد في ذلك التقرير[2].

[1]  المادة ١٢١ من نظام الاثبات السعودي

[2]  المادة ١٢٤ من نظام الاثبات السعودي


للمزيد حول مهارات مناقشة الخبير ودور الخبير في الاثبات امام هيئات التحكيم أنضم للمشاركين في شهادة المحكم المحترف