أهم اتفاقيات التحكيم الدولي
2021/06/02

أهم اتفاقيات التحكيم الدولي

اتجاه العالم نحو التنمية الاقتصادية الشاملة، ولجوء دول العالم إلى الخصخصة وتعظيم دور القطاع الخاص وجلب الاستثمارات الأجنبية دفع الكثيرين إلى التفكير في تدويل وسائل فض المنازعات، وقد تجسدت الوسيلة الرئيسية لتدويل هذه الوسائل من خلال إبرام معاهدات دولية تحكم العلاقة في منازعات التحكيم التجاري الدولي.

فيما يلي نستعرض اهم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم:


أولا: اتفاقيات التحكيم ذات الطابع الدولي:

اتفاقية نيويورك

تعد اتفاقية نيويورك من أهم اتفاقية فيما يتعلق بالتحكيم التجاري الدولي، وتعود أسباب وضعها إلى الرغبة في البحث عن وضع قواعد قانونية دولية تسهل الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها، وجاءت المبادرة من غرفة التجارة الدولية 1953 عندما قدمت مشروعا لاتفاقية تتضمن قواعد جديدة لتنفيذ أحكام التحكيم الدولية. وبعد دراسة المشروع من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة وإجراء تعديلات على المشروع المقدم من غرفة التجارة الدولية، تم وضع مشروع اتفاقية حول الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وعرض المشروع للمناقشة في مؤتمر للأمم المتحدة انعقد في مقرها بنيويورك في الفترة من ۳۰ مايو إلي 10 يونيو 1958 وسميت باتفاقية الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية New York Convention on the Recognition and Enforcement of Foreign Arbitral Awards ويطلق عليها أيضا اتفاقية نيويورك لعام ۱۹5۸.

أصبحت هذه الاتفاقية نافذة المفعول منذ 4 سبتمبر 1959، ويعتبر بعض الباحثين أن هذه الاتفاقية قد أحدثت ثورة فيما يتعلق بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية حيث لا قيمة القرار التحكيم إذا لم يتمكن من صدر القرار لمصلحته من تنفيذه.

وقد انضمت العديد من الدول علي توقيع الاتفاقية، وما زال الإقبال مستمر على الانضمام إليها، ولابد أن نذكر أن الفقرة الثانية من المادة السابعة من هذه الاتفاقية نصت على أنه «يقف سريان أحكام بروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ بشأن شروط التحكيم واتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ الخاصة بتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية من الدول المتعاقدة ابتداء من اليوم الذي تصبح فيه تلك مرتبطة بهذه الاتفاقية وبقدر ارتباطها.[1]

اعتبارا من 1 يناير 2015 صادق على الاتفاقية 154 دولة منها 15 دولة عربية، و151 دولة عضوة في الأمم المتحدة بالإضافة إلى جزر كوك والكرسي الرسولي وفلسطين، ومن الدول العربية التي انضمت إليها الأردن، مصر، سوريا، البحرين، تونس، الجزائر، جيبوتي، الكويت، المغرب، السعودية، ولبنان. تتألف اتفاقية نيويورك من ستة عشرة مادة.

[1] أ.د فوزي محمد سامي، اتفاقية نيويورك وتنفيذ قرارات التحكيم الأجنبية، مجلة التحكيم العربي العدد الأول، الطبعة الثالثة ص87.

الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمارات بين الدولة وبين رعايا الدول الأخرى (اتفاقيه واشنطن 1965- الأكسيد)

نظرا للنجاح اللافت الذي حققه التحكيم كألية لفض منازعات التجارة الدولية؛ اخذ البنك الدولي للإنشاء والتعمير على عاتقة مهمة إعداد اتفاقيات دولية أطلق عليها (الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمارات بين الدولة وبين رعايا الدول الأخرى) -يسميها البعض مجازا اتفاقية واشنطن لمنازعات الاستثمار- والمبرمة في مدينة واشنطن بتاريخ 8 مارس 1965، ودخلت حيز النفاذ في 14 أكتوبر 1966، وقد وقع على اتفاقية واشنطن حتى يناير 2013 عدد 158 دولة، منها 147 دولة هي التي أودعت وثائق التصديق على الاتفاقية، بينهم 14 دولة عربية، وهم الجزائر، البحرين، مصر، الأردن، الكويت، لبنان، المغرب، سلطنة عمان، السعودية، السودان، سوريا، تونس، الإمارات، اليمن.

تنقسم اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار إلى 10 الفصول و75 مادة، تهدف إلى:

  1. طمأنة المستثمرين الأجانب وتشجيعهم على الاستثمار في دول العالم الثالث، بما يضمن تسوية المنازعات الناشئة عن هذا الاستثمار من خلال فض المنازعات التي تنشب بين المستثمر الأجنبي وبين الدولة المستثمر فيها المال الطرف في الاتفاقية، ويكون ذلك بطريق التحكيم والمصالحة وتطبق هيئة التحكيم القواعد الدولية المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية.
  2. إيجاد القواعد القانونية الموحدة التي تهدف إلى تبسيط إجراءات التوفق والاستعانة بشخصيات مستقلة لها طابع قضائي تقوم بمهمتها طبقا لقواعد محددة تقبلها الأطراف المعنية.
  3. إيجاد الجو المناسب والمشجع لرأس المال الأجنبي في مجالات التنمية الاقتصادية وذلك عن طريق إيجاد توازن بين مصالح المستثمرين ومصالح الدول التي يتم فيها الاستثمار.

وبموجب هذه الاتفاقية تم إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار The International Center for Settlement of Investment Disputes ويشار إليه اختصارا (ICSID)، ويمتد الاختصاص القانوني للمركز إلى أيه خلافات قانونية تنشا مباشرة عن الاستثمار –أيا كان نوعه- بين دولة متعاقدة، بشرط موافقة طرفي النزاع كتابة على تقديمها للمركز. ولا يحق لأي من الطرفين الانسحاب من هذه الموافقة دون قبول الطرف الأخر، وعلى هذا الأساس فان مجرد انضمام الدولة إلي اتفاقية واشنطن لا يعني قبولها لتسوية المنازعات أمام الأكسيد بشكل تلقائي، وإنما يلزم موافقتها على ذلك.

اتفاقيات التحكيم ذات الطابع العربي

اتفاقية الرياض لتنفيذ الأحكام القضائية والتحكيمية 1983

في 6 أبريل ۱۹۸۳ وقع عدد كبير من الدول الأعضاء في الجامعة العربية في الرياض، اتفاقية للتعاون القضائي، والتي الغت اتفاقية تنفيذ الأحكام القضائية أو التحكيمية لجامعة الدول العربية سنة ۱۹۵۲. وبموجب هذه الاتفاقية فان الحكم التحكيمي يجب أن يكتسي صيغة التنفيذ في بلد المنشأ وبلد التنفيذ ولا يجوز رفض تنفيذ الحكم التحكيمي إلا إذا خالف الشريعة الإسلامية أو النظام العام أو الآداب وكذلك لا يعطي الحكم التحكيمي الحائز على صيغة التنفيذ في بلد المنشأ صيغة التنفيذ في البلد المطلوب إليه الاعتراف به أو تنفيذه فيه[1]:

[1] ا.د عبد الحميد الأحدب، قوانين واتفاقات التحكيم في البلاد العربية، مجلة التحكيم العربي، العدد الثالث عشر ص23

أ- إذا كان قانون الطرف المتعاقد المطلوب إليه الاعتراف أو تنفيذ الحكم لا يجيز موضوع النزاع عن طريق التحكيم، فلا يكفي أذا أن يكون موضوع النزاع خاضعا للتحكيم في البلد الذي حصل فيه بل يتوجب أيضا أن يكون التحكيم معترفا به في البلد الذي يطلب فيه تنفيذ القرار التحكيمي.

ب- إذا كان حكم المحكمين صادرا، تنفيذا لشرط أو لعقد تحكيم باطل، أو لم يصبح نهائيا. أن الاتفاقية بوضعها هذا الشرط، تجيز للمحكمة النظر في صحة الشرط التحكيمي، ولكن دون أن تحدد وفقا لأي قانون: أهو قانون البلد الذي صدر فيه القرار التحكيمي؟ أو قانون البلد الذي طلب فيه التنفيذ؟ وعليه فان الاتفاقية تتضمن نقصا واضحا في هذا المجال.

ج- إذا كان المحكمون غير مختصين طبقا لعقد أو شرط التحكيم، أو طبقا للقانون

الذي صدر حكم المحكمين على مقتضاه.

تنتج صلاحيات المحكمين من إرادة الفرقاء المعبر عنها في الاتفاق التحكيمي، أو في الشرط التحكيمي، أو في قانون التحكيم الخاص بالمكان الذي صدر فيه القرار.

لقاضي التنفيذ اذن الصلاحية في التحقق، مما إذا كان المحكمون قد تجاوزوا صلاحياتهم المحددة، وفقا لما هو مذكور أعلاه.

د- إذا كان الخصوم لم يعلنوا بالحضور على الوجه الصحيح، والاتفاقية تكرس هنا

مبدأ وجاهية المحاكمة واحترام حقوق الدفاع.

الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية

الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية هي اتفاقية أقرت في 26 نوفمبر 1980 في إطار جامعة الدول العربية أثناء القمة التي عقدت في عمان. وقد صادقت على الاتفاقية كل الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية باستثناء الجزائر وجزر القمر. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ سنة 1981.

وتهدف الاتفاقية إلى توفير مناخ ملائم للاستثمار العربي والي تسهيل انتقال رؤوس الأموال العربية وتوظيفها داخل الدول العربية، فبالإضافة إلى الضمانات المالية، والقانونية والضريبية التي تمنحها الاتفاقية للمستثمر العربي، تعطي الاتفاقية ضمانات إضافية التي هي اللجوء للتحكيم؛ حيث وضعت الاتفاقية نظاما للتوفيق والتحكيم يطبق على الأطراف المتنازعين، ولكن التحكيم وفق هذا النظام ليس إلزاميا.

وقد أفردت الاتفاقية العربية فصلا كاملا لموضوع تسوية المنازعات الناشئة عن تطبيقها؛ حيث نصت المادة 25 على انه تتم تسوية تلك المنازعات عن طريق التوفيق أو التحكيم أو اللجوء إلى محكمة الاستثمار العربية، كما نصت المادة 26 على أن يكون التحكيم والتوفيق وفقا للقواعد والإجراءات الواردة في ملحق الاتفاقية.

تم إنشاء محكمة الاستثمار العربية عام 1985، تختص بالفصل في النزاعات المتعلقة بتطبيق أحكام هذه الاتفاقية أو الناتجة منها، وأصدرت أول حكم لها عام 2004، كما صدر أول حكم تحكيمي بمقتضي الاتفاقية العربية في 22 مارس 2013.

اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري

بعد سلسلة من اللقاءات، وقعت الدول العربية الاتفاقية العربية للتحكيم الدولي بصيغتها النهائية بعمان في 1987، ومن أهم ما جاءت به هذه الاتفاقية إنشاء المركز العربي للتحكيم التجاري في الرباط؛ حيث يؤكد المركز العربي للتحكيم التجاري على الأهمية البالغة التي صارت للتحكيم في التجارة الدولية، فإنشاؤه أستغرق زمنا طويلا من البحث والتمحيص والمناقشات. وانطلق قرار إنشائه من قناعة أصبحت عامة في الأوساط التجارية العربية، قناعة قائمة على إدراك ضرورة رعاية وإنماء التحكيم ليؤدي دوره المحرك والضامن للتجارة الدولية. وانطلقت الفكرة من ملاحظة حجم التحكميات التي يكون فيها على الأقل طرف عربي والتي تحال إلى الهيئات الدائمة للتحكيم الدولي، فاذا كانت التجارة العربية الدولية تغذي الهيئات الدائمة للتحكيم بهذا القدر من الدعاوى، فلماذا لا يكون للبلاد العربية مركزها التحكيمي، هكذا تحولت الفكرة إلى مشروع لاتفاقية عربية للتحكيم الدولي جرى بحثه وإعداده في مجلس وزراء العدل العرب بعد قرار اتخذه هذا المجلس في سنة 1984 وتم فيه الاتفاق على إنشاء هيئة عربية دائمة للتحكيم التجاري وكلفت الأمانة العامة للمجلس بإعداد دراسة علمية حول إنشاء هيئة عربية دائمة للتحكيم التجاري وأرفقتها بأسباب موجبة وبمذكرة توضيحية.

وقد أنشأت الاتفاقية مؤسسة دائمة تسمى المركز العربي للتحكيم التجاري مقره الرباط تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة وتلحق إداريا وماليا بالأمانة العامة لمجلس وزراء العدل العرب.

وتطبق الاتفاقية على النزاعات التجارية الناشئة بين أشخاص طبيعيين أو معنويين أيا كانت جنسياتهم يربطهم تعامل تجاري مع إحدى الدول الأعضاء أو أحد أشخاصها أو تكون لهم مقار رئيسية فيها.

اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية وبين مواطني الدول العربية الأخرى

عندما حصلت "الثورة" النفطية عام ۱۹۷۳، أرادت الدول العربية أن تستفيد من اتفاقية واشنطن بوضعها صيغة عربية لهذه الاتفاقية على شكل "اتفاقية لتسوية المنازعات ما بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية وبين مواطني الدول العربية الأخرى". وهكذا تم الانتقال من اتفاقية دولية إلى اتفاقية إقليمية، ومن اتفاقية جاءت نتيجة للجهود التي بذلها مسؤولو البنك الدولي في واشنطن إلى اتفاقية هي ثمرة الجهود التي بذلها مسؤولو مجلس الوحدة الاقتصادية للدول المنضمة إلى الجامعة العربية.

وقد تم توقيع اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بتاريخ 10 يونيو 1974 من قبل

البلدان التالية: الأردن - السودان - سوريا - العراق - مصر - الكويت - اليمن - الإمارات العربية.

إن هذه الاتفاقية لم تكن إلا تعبيرا عن الرغبة في إنشاء سوق موحدة عربية، كانت تشكل أحد المشاغل الرئيسية المجلس الوحدة الاقتصادية العربية. وقد استكملت هذه الاتفاقية باتفاقية أخرى "الاتفاقية الموحدة الاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية والتي دخلت حيز التنفيذ في سبتمبر عام ۱۹۸۱.

قبل ذلك كانت اتفاقية المؤسسة العربية لضمان الاستثمار قد وقعت وتهدف إلى إنشاء مؤسسة عربية لضمان الاستثمار وقد دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 1 مايو 1974 وهي تحيل أيضا المنازعات التي تنشأ عن تنفيذها إلى التحكيم.

هذه الاتفاقات تؤكد أن التشريعات العربية تعتبر التحكيم وسيلة لضمان الاستثمارات والخيار الذي اعتمدته المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ليس إلا الإثبات الأخير لهذا الواقع.

إن اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية وبين مواطني الدول العربية الأخرى، مأخوذة عن اتفاقية واشنطن وهي تشكل في الواقع تكييفا لهذه الأخيرة يتناسب مع متطلبات الاستثمار العربي.


إنضم إلينا في شهادة إعداد وتأهيل المحكم المحترف 80 ساعة ⏰، واكتسب المهارات التالية:

  • مهارات صياغة اتفاق التحكيم.
  • مهارات إدارة جلسات التحكيم.
  • مهارات صياغة حكم التحكيم.
  • الإدارة الفاعلة للدفاع لقضايا التحكيم