تحمل السنوات الخمس الأولى لممارسة المحاماة بريقًا و ضغطًا يمكن أن يشكلا أرضًا خصبة للأخطاء البسيطة. إذ يمكن لعادات الممارسة السيئة أن تتحول إلى عقبات تعيق تطورك المهني المستقبلي. فكما يعلم معظم المحامين، السمعة هي الأساس - بين القضاة والمحامين الخصوم والعملاء المحتملين والزملاء الجدد. وفيما يلي بعض الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المحامين في أول خمس سنوات من الممارسة، إلى جانب بعض النصائح حول كيفية تجنبها ولماذا. هناك أمور بديهية لن نتوقف عندها طويلاً، كالكذب والممارسة غير النزيهة ونقض العهود. ولا تنسى أن تستمتع بحياتك خارج الإطار القانوني، وتذكر دائماً أنه عليك أن تصنع حياتك لنفسك.
1. عدم معرفة الوقت المناسب لطلب المساعدة:
عدم معرفة متى تطلب المساعدة قد يؤدي إلى تفويت المواعيد النهائية وعدم تلبية توقعات الزملاء والعملاء، مما قد يخلق بدوره سمعة سيئة بسوء أخلاقيات العمل وعدم الموثوقية. ومن المقبول تمامًا طرح المزيد من الأسئلة الاستقصائية على الشخص الذي أسند العمل إليك (سواء كان عميلاً أو محامٍ زميل) لتحديد كيفية ترتيب الأولويات للملفات والمهام. قد تجد أنه يمكن تمديد الموعد النهائي بمجرد السؤال! وقد تجد نفسك في موقف لا يمكنك فيه إكمال المهمة في الموعد النهائي على أي حال. وهذا يعطي للموكل الفرصة للبحث عن ترتيبات بديلة أو تفويضك في مهام مختلفة.
2. الخوف من الاعتراف بالخطأ:
يخشی بعض المحامين الاعتراف بأخطائهم، ولكن تذكر أن قدرتك على التعامل مع الأخطاء هي التي تحدد مدى جودتك كمحامٍ. يمكن تصحيح معظم الأخطاء، لكن تركها دون معالجة لفترة طويلة بسبب الخجل أو الخوف سيؤدي إلى تفاقم المشكلة. فحتى لو كنت تخشى خيبة أمل أحد زملائك، فإن الصراحة والنزاهة بشأن خطأك هي الطريقة الصحيحة. هذا يتيح للشريك أو الزميل اتخاذ قرار بشأن أفضل طريقة للتعامل مع الموقف. وقد تستطيع إصلاح الخطأ بسهولة بنفسك، فلا يزال بإمكانك إثبات الكفاءة والموقف المسؤول من خلال إظهار القدرة على حل المشكلات. وإذا كان الخطأ يقتضي إبلاغ العميل، فمن الأفضل إخباره في أقرب وقت ممكن من أجل الحفاظ على حقوقه.
3. الاعتماد الشديد على شركتك:
الإعتماد المفرط على الشركة ليس بالأمر الحكيم. فالموظفين وأنظمة التذكير ليسوا معصومين من الخطأ. تأكد من تدوين مواعيدك الخاصة وإجراءات تقديم المستندات وتحديد موعد للمحاكمة في مفكرتك الشخصية بالإضافة إلى نظام التذكير المعمول به في شركتك. فأنظمة التذكير هي إجراء وقائي إضافي وليس بديلاً عن الأساليب الأخرى. حاول تبني نهج ذاتي في تحمل المسئولية؛ فموظفوك الداعمون موجودون لمساعدتك في ممارسة عملك وليس لإدارة عملك. فعادةً يلقي المحامون الجدد اللوم على الموظفين، سواء أكان كاتبًا أم طالب متدرب، عندما يحدث خطأ ما. إذا كان الخطأ إداريًا بطبيعته، فغالبًا ما يساعد النقاش مع الموظف لشرح السياق أو تغيير الإجراءات في منع حدوث أخطاء مستقبلية. أما إذا كان الخطأ جوهريًا، مثل قيام كعدم تقديم تقرير الخبير في الإطار الزمني المطلوب، فتذكر أنه من واجبك مراجعة جميع المستندات التي تخرج من مكتبك. إن الخطأ الذي يصدر عن مكتبك يقع على عاتق المحامي في النهاية، لذلك فإن إلقاء اللوم على الموظفين لن يحسن صورتك المهنية.
4. السلوك غير اللائق خارج العمل:
على الرغم من شيوع القصص حول تصرفات المحامين الجدد غير اللائقة في المناسبات الرسمية وغير الرسمية، فإنه حتى أكثر الأشخاص تحكمًا بأنفسهم قد يقدمون على أفعال تسيء لمهنتهم. وتجدر الإشارة إلى أن المحامين يمثلون مهنة لها معاييرها المهنية الصارمة، لذا يجب الحفاظ على حدود واضحة في التعامل مع الموظفين والزملاء في المناسبات الاجتماعية التي بطبيعتها أقل رسمية من المكتب أو قاعة المحكمة. كما ينبغي الحذر من محتوى وسائل التواصل الاجتماعي والأشخاص الذين تتم إضافتهم كأصدقاء. ويُنصَح باستخدام أعلى إعدادات الخصوصية وتجنب أي محتوى يثير تساؤلات حول سلوك المحامي أو مدى احترافه لمهنته. إذ لابد من وجود توازن دقيق بين السماح للموظفين والزملاء بالتعرف على المحامي كشخص مع الحفاظ على مستوى مناسب من الاحترافية. فالمحامي محط للأنظار دائماً تقريباً، وقد يؤدي عدم الاحتراز إلى إلحاق ضرر دائم بمسيرته المهنية وسمعته.
5. كثرة الكلام والنميمة:
يحظر تماماً تداول النميمة في الوسط القانوني، نظراً لضيقه واحتمالية مقابلة نفس الأشخاص بظروف مختلفة لاحقاً. فالمساعدين القانونيين قد يصبحون محامين والمحامين قد ينتقلون بين مكاتب مختلفة. وتمثل النميمة سلوكاً ساماً يمكن أن يؤدي إلى قطع العلاقات المهنية بسرعة. وبرغم سهولة الانجرار إلى أحاديث النميمة خاصةً بالنسبة للمحامين الجدد سعيًا للاندماج، وجب الحذر دائماً والتأكد من عدم تركيز المحادثة على النفقات أو المسائل السرية الخاصة بالموكلين. ففي حين أن تبادل الحديث مع الموكلين قد يكون مسلياً، يحظر تماماً خرق مبدأ السرية المهنوية بين المحامي والموكل.
6. عدم تقبّل النقد:
يرتبط هذا الخطأ الشائع بعدم معرفة متى يلجأ المحامي المبتدئ لطلب المساعدة. فجميعنا، كمحامين جدد، نتوق لإثبات أنفسنا، وقد يبدو تلقي النقد قاسياً ومحبطاً. إن الفشل في قبول النقد البنّاء قد يجعلك تبدو غير راغب في التعلم والتطور. ومع ذلك، لا يجيد كل محامٍ متمرس، أو حتى كل موكّل، تقديم النقد بأفضل طريقة. لذلك، حاول استخلاص جوهر التوجيه الموجود في أي نقد لتحسين نفسك، وتجاهل التعليقات السلبية الزائدة عن اللزوم. وإذا كان بعض النقد يُثقل كاهلك، فينبغي مناقشة كيفية التعامل مع الموقف مع مرشد قانوني.
7. تجاهل تطوير الأعمال:
بالرغم من أن الشركاء هم من يجلبون معظم الأعمال والملفات، إلا أن المهارات التي يستخدمها الشركاء لجلب الأعمال والملفات لا تتطور تلقائيًا بمجرد أن تصبح شريكًا. إن الحفاظ على العلاقات مع العملاء والتواصل الفعال معهم ومتابعة العملاء المحتملين و المبادرة بالتعاون هي مهارات مهمة يجب تعلمها وممارستها منذ البداية. فقد يستغرق الأمر سنوات لبناء قاعدة عملاء أو إحالات قوية. فكونك محاميًا جيدًا لا قيمة له إذا لم يكن لديك أي عملاء للعمل لصالحهم.
8. قلة الاطلاع والثقافة القانونية:
من الضروري البقاء على اطلاع على التقارير القضائية والنشرات الإخبارية الصادرة عن المنظمات المختلفة. بالإضافة إلى الأسباب الواضحة لمواكبة القضايا الجديدة والتحديثات القانونية (والمعروفة أيضًا بالعمل القانوني الذكي)، فإن مشاركة هذه التحديثات السريعة مع الزملاء أو استخدامها كمبادئ لفتح النقاش في الفعاليات المهنية يضعك في المقدمة. اقرأ التشريعات دائمًا عند العمل عليها في أي قضية. قد تستخدم نفس المادة أو اللائحة بشكل يومي في ممارستك المهنية. ولكن، وبصرف النظر عن تحديثات التشريعات، توجد فروق دقيقة في صياغة التشريع قد لا تلتقطها إذا لم تكن دائم القراءة والاطلاع. بمعنى آخر، معرفة مضمون التشريع لا يغني عن دراسة الصياغة الدقيقة للتشريع. ويبدو هذا الأمر جليًا، إلا أن العديد من المحامين الجدد ينسون هذا الشيء البسيط للغاية. قد لا تدرك ما تجهله إلا إذا عدت إلى الأساسيات، ستتفاجأ حينها بما يمكنك اكتشافه بمجرد قراءة اللوائح والقضايا المهمة التي فسرت الكلمات الفعلية لكل مادة.
9. التسجيل غير الدقيق:
يعد تدوين الوقت بشكل دقيق في سجلاتك القانونية بغض النظر عن طريقتك في محاسبة العملاء (سواء كانت شهرية أو بناءً على النتائج) من أكثر الطرق فعالية لتقييم كفاءتك المهنية، سواء فيما يتعلق بقضية معينة أو بممارستك بشكل عام. لذلك، يجب تدوين جميع المهام التي تقوم بها مع تحديد الوقت المستغرق بدقة ووصف تفصيلي لكل مهمة. تُعد هذه السجلات نظام تتبع يعمل كدليلٍ موثوق في حالة خضوعك للتدقيق من قِبل نقابة المحامين، أو تقييم حسابك، أو مقاضاتك من قبل عميل، حيث يمكنك الاعتماد عليها لاسترجاع تفاصيل عملك بدقة حتى بعد شهور أو سنوات.
10. التسويف:
تأجيل المهام لن ينفع في الممارسة القانونية العملية كما قد ينفع البعض في كلية الحقوق. كلما تأخر العمل على مهمة كلما زاد الضغط والتوتر المصاحب لها. وتقليل التوتر في مهنة المحاماة التي تحمل ضغوطاً جوهرية هو أمر أساسي للنجاح على المدى الطويل، وله تأثير على كلٍ من النجاح الشخصي والمهني. من المهم التواصل مع الزملاء والعملاء والموظفين حول تحديد أولويات المهام والملفات. وعند القيام بذلك، يكون من المفيد الالتزام بجدول الأعمال وعدم السماح لها بالتراكم. ومن المفيد على الأقل تحديد الأولويات، مما يجعل قائمة المهام أكثر قابلية للإدارة. كذلك، من المهم تحديد المهام التي يمكنك تفويض الغير فيها بالإضافة إلى تحديد فترات زمنية مسبقًا للتعامل مع رسائل البريد الإلكتروني والهاتف وما إلى ذلك لتجنب إضاعة الوقت.
الخاتمة:
تمثل السنوات الخمس الأولى من الممارسة القانونية الأساس الذي تُبنى عليه مسيرتك المهنية. لذلك، من المهم التأكد من أنك تُكوِّن عادات جيدة تُسهم في نجاحك المستقبلي. وتكمن الخطوة الأولى في تطوير هذه العادات الجيدة في إدراك الأخطاء التي قد تقع فيها من بين الأخطاء المذكورة سابقاً، واتخاذ خطوات لتجنبها. سيُقدر لك كل من موكليك وزملائك ذلك، وستكون حتماً أفضل حالاً في المستقبل.
